نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 138
يجوز فلنذكر أقسام الهداية التي هي ضده : إعلم أن الهداية في القرآن تقع على وجوه أحدها : أن تكون بمعنى الدلالة والإرشاد ، يقال : هداه الطريق ، وللطريق ، وإلى الطريق : إذا دله عليه ، وهذا الوجه عام لجميع المكلفين ، فإن الله تعالى هدى كل مكلف إلى الحق ، بأن دله عليه ، وأرشده إليه ، لأنه كلفه الوصول إليه ، فلو لم يدله عليه ، لكان قد كلفه بما لا يطيق . ويدل عليه قوله تعالى : ( ولقد جاءهم من ربهم الهدى ) ، وقوله : ( إنا هديناه السبيل ) ، وقوله : ( أنزل فيه القرآن هدى للناس ) ، وقوله : ( وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ) ، وقوله : ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) ، وقوله : ( وهديناه النجدين ) ، وما أشبه ذلك من الآيات . وثانيها : أن يكون بمعنى زيادة الألطاف التي بها يثبت على الهدى ، ومنه قوله تعالى ( والذين اهتدوا زادهم هدى ) أي : شرح صدورهم ، وثبتها وثالثها : أن يكون بمعنى الإثابة ، ومنه قوله تعالى : ( يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم ) ، وقوله : ( والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ) والهداية التي تكون بعد قتلهم : هي إثابتهم لا محالة ، لأنه ليس بعد الموت تكليف ورابعها : الحكم بالهداية ، كقوله تعالى : ( ومن يهد الله فهو المهتد ) . وهذه الوجوه الثلاثة خاصة بالمؤمنين دون غيرهم ، لأنه تعالى إنما يثيب من يستحق الإثابة ، وهم المؤمنون ، ويزيدهم بإيمانهم ، وطاعاتهم ألطافا ، ويحكم لهم بالهداية لذلك أيضا وخامسها : أن تكون الهداية بمعنى جعل الانسان مهتديا ، بأن يخلق الهداية فيه ، كما يجعل الشئ متحركا بخلق الحركة فيه . والله تعالى يفعل العلوم الضرورية في القلوب ، فذلك هداية منه تعالى . وهذا الوجه أيضا عام لجميع العقلاء كالوجه الأول . فأما الهداية التي كلف الله تعالى العباد فعلها كالإيمان به ، وبأنبيائه ، وغير ذلك ، فإنها من فعل العباد ، ولذلك يستحقون عليها المدح والثواب ، وإن كان الله سبحانه قد أنعم عليهم بدلالتهم على ذلك ، وإرشادهم إليه ، ودعائهم إلى فعله ، وتكليفهم إياه ، وأمرهم به ، فهو من هذا الوجه نعمة منه سبحانه عليهم ، ومنة منه واصلة إليهم ، وفضل منه وإحسان لديهم ، فهو سبحانه مشكور على ذلك ، محمود إذ فعل بتمكينه ، وألطافه ، وضروب تسهيلاته ، ومعوناته . ( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن
نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 138