أساس الوضوح والرؤية ، والإحساس . . في العقل ، وفي الفطرة ، والوجدان . .
إنه غيب مجسد في الكعبة المشرفة ، وبالحجر الأسود ، الذي أودعه الله ميثاق الخلائق . وقد جسده الله جنات وأنهاراً ، وفواكه ، وأشجاراً . . وكأساً دهاقاً ، وحوضاً ، وصراطاً ، وميزاناً . . وما إلى ذلك .
وجسده أيضاً زقوماً وضريعاً ، وزمهريراً وناراً ، ويوماً عبوساً قمطريراً . أخبرك الله به ، ووصفه لك نبيه الناطق عنه .
وهو مرحلة قد تجاوزت ما تحكم به الفطرة ، وتهدي إليه العقول ، ويقرره الوجدان .
إنه غيب لا بد لك من احتضانه في قلبك ، وفي عمق حناياك ، ثم الحنو عليه . والتفاعل معه ، والاستفادة منه . . وليس هو من المجهول ، لأن المجهول لا يمكن احتضانه ، ولا الفناء فيه ، ولا الانسجام ولا التفاعل معه . . أو عقد القلب عليه .
إن علينا أن لا نخطئ في فهم معنى الإيمان ، فليس الإيمان هو الشعور بالخوف من مجهول ، ثم الاستسلام لهذا الخوف . . بل الإيمان سلام ، وأمن ، وسكينة ورضا . .
وبعد ما تقدم نقول :
إنه لا حاجة إلى التذكير بأن الخضوع والاستسلام للدليل ، ثم تبنيه والالتزام به ، وعقد القلب عليه ، يسمى إيماناً . . لما في ذلك من سكون قهري ، واستسلام لما تقضي به الفطرة ، وما يحكم به العقل . . ثم يبدأ بالتنامي والرقي إلى أن يبلغ مراحل ، هي الأصفى والأنقى ، والأجلى والأسمى ، وذلك حين يصبح سكينة وطمأنينة للنفس والروح ، ويترك