والمبهم ، والغائم ، شيء آخر . .
فإن الغيب واقع يقيني ، يفرض نفسه على الواقع الحياتي . . والإيمان بالحقائق الغيبية واجب ومطلوب في الإسلام . قال تعالى : * ( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ) * [1] .
فنلاحظ : أن ثمة ارتكازاً في البيان القرآني إلى الغيب لينطلق منه إلى الواقع الحياتي ، مبتدأ من ممارسة الإنسان للعبادة الصلاتية التي تصل العبد بالله ، وبصفاته ، وعلمه ، وحكمته ، وتدبيره ، وبملائكته ورسله من جهة ، ثم بالآخرة وبكل تداعياتها ، وكل ما يرتبط بها من جهة أخرى . .
ثم انطلق ليبني الحياة في علاقاتها ، وفي مرافقها وحاجاتها ، على أساس الاستفادة الصحيحة مما مكنه الله منه ، وهيأه له . . حين قال : * ( وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ) * .
فليس الغيب مجرد حالة خوف من مجهول مبهم ، وغامض ، ومخيف . . بل هو غيب ظاهر ومكشوف لنا إلى حد أن الإمام علياً [ عليه السلام ] يقول : « لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً » .
وعن أولياء الله المتقين يقول الإمام علي [ عليه السلام ] : « وهم والنار كمن قد رآها ، فهم فيها معذبون . . » [2] .
إنه غيب لا خوف معه ، بل يشعر الإنسان معه بالأمن والسلام ، والسكينة ، والراحة ، والسعادة . .
غيب ليس فيه قهر وخضوع عشوائي ظالم ، بل هو استسلام على