ثم إنه يدعوه إلى إعداد العدة ، وتهيئة كل ما من شأنه أن يحميه ويدفع عنه .
وهذا الإعداد يختلف ويتفاوت ، كاختلاف وتفاوت محيط وأدوات الرصد والمراقبة ، بحسب خطورة وحجم الموارد التي يتهددها الخطر ، فقد يكون الخوف على النفس ، أو على المال ، أو على الولد ، أو على العشيرة ، أو على البلد ، أو على الدين ، أو . . أو . . أو على ذلك كله .
وهذا بالذات هو الذي يبين ضرورة اقتران قوله تعالى : * ( لاَ أقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) * [1] بقوله : * ( لاَ أقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ) * [2] . . لأن القناعة العقلية بيوم القيامة لا تكفي للالتزام بخط الطاعة ، بل هو بحاجة إلى دخول هذه القناعة إلى وجدانه ، وإلى مشاعره ، وكل كيانه ، لأن هذا هو الذي يُوجد داخل الإنسان رقابة ورصداً من قبل النفس اللوامة على النفس الأمارة بالسوء ، ويقيم الموانع القوية أمامها ، لكي لا تتسبب بإيقاعه في المحذور . ولو أن نفسه الأمارة غلبته أحياناً ، فإنه سوف يندفع للتلافي والتصحيح . .
فمجرد سكون النفس لا يكفي ، لأنه قد ينشأ عن غفلة ، وقد ينشأ عن جرأة ، وقد ينشأ عن جهل . . بل المطلوب هو السكينة والطمأنينة بالمعاني ذاتها من خلال العمل بمقتضاها والانصهار بها . . بحيث تكون هي المنشأ وهي المرتكز . . وهذا هو المراد بالنفس المطمئنة ، وهو يعني أن القناعة بالقضايا الإيمانية لا بد أن تدخل إلى عمق الكيان الإنساني ، وتتحكم بالمشاعر والأحاسيس ، وأن توجد الأمل والرجاء ، والحب