كهذا . . لأن العبادية منطلقة من معرفتهم بأنهم أمام مقام الألوهية الحقيقية . فمن الطبيعي أن لا يختاروا سواها ، وأن يندفعوا إليها ، وأن يؤدوا مراسم العبودية لها . . باختيارهم .
فتكون عباديتهم لله من موقع الوعي ، والمعرفة ، والاختيار ، والاندفاع .
« يُفَجِّرُونَهَا » :
ولا شك في أن القرآن كتاب هدى وبيان . . وعلينا أن نستخرج دقائق المعاني من كل كلمة ، وكل حرف فيه .
وقد ذكر سبحانه في هذه الآية الشريفة : أن عباد الله هم الذين يفجرون تلك العين ، باختيار منهم . .
وقد ألمحنا إلى أن التعبير بالعين أيضاً يشير إلى الغزارة وإلى الاستمرار في العطاء ، وعدم الانقطاع . .
وقد يستظهر من الآية أيضاً : أن عباديتهم لله تعالى هي التي منحتهم القدرة على تفجيرها . . إذ إن الذي جُعِل موضوعاً للحكم في الكلام التام له حالتان :
الأولى : أن لا يكون له خصوصية سوى الإشارة إلى من ثبت الحكم له . . مثل : أكرم هذا الجالس . فليس لصفة الجلوس أثر في وجوب الإكرام . .
الثانية : أن يكون للموضوع مدخلية في الحكم ، وسببية فيه ، مثل : أقتل القاتل ، أو اقطع يد السارق ، ومثل المسكر حرام ، وأكرم العالم . . ونحو ذلك . .
فالإسكار له مدخلية في الحرمة ، وكذلك موضوعات باقي الأمثلة . .
والأمر في الآية التي نتحدث عنها من هذا القبيل ، فإن سر التفجير