الإيحاء سيقتصر على خصوصية الربوبية ، التي هي الخصوصية الأبرز ، وهي تعني الرعاية من موقع الحكمة ، والفضل ، والحب .
وهذا نظير اسم حاتم الذي أصبح عند بعض الناس ، يوحي بالكرم والسخاء ، واسم عنتر ، الذي يذكّر بعض الذين يجهلون التاريخ ، بالشجاعة - مع تحفظنا على صحة نسبة ذلك لعنترة ولحاتم ، لأكثر من سبب ليس هنا مكان بيانه - فالتصريح بهذين الاسمين يحمل تداعيات الشجاعة والكرم ، إلى ذهن هؤلاء الناس بصورة عفوية . . لكن لو تحدثت عنه بواسطة الضمير العائد إليه ، فسوف تغيب هذه التداعيات عن ذهنك .
الجهة الثانية :
قد يقال : لو أنه جاء بالضمير فقال : « عبادنا » ، فقد لا يُلْتَفَتُ إلى أنهم هم الذين اختاروا ذلك وفعلوه . . بل قد يتخيل أن هذا الأمر قد عرض لهم بسبب الإلف ، أو العادة ، أو المحيط ، أو الغفلة ، فانساقوا إلى العبادية عن غير شعور ، واختيار ، أو من دون تأمل وتفكير منهم . .
ولكن إذا صرح بلفظ الجلالة ، وقال : « عِبَادُ الله » ، فإن ذلك يذكِّر بالألوهية وبصفاتها ، وبالجلال والكبرياء ، ويشعرنا بأن ألوهيته تعالى هذه هي التي جعلتهم يعبدونه ، ويسعون للحصول على رضاه ، ويتقربون إليه . .
فشربهم من العين هو شرب استحقاق وجزاء على عبادتهم الاختيارية . . وليس لأجل أن معبودهم قد وضعهم في مواقع معينة ، أو فرض عليهم وضعاً أو سلوكاً بعينه ، ثم أعطاهم هذه العين في مقابل ذلك إرضاء لهم ، وإن لم يفعلوا ما يوجب استحقاقهم لذلك . .
وبتعبير آخر : لو قال « عبادنا » ، لأمكن توهم أن عباديتهم قد لا تكون باختيارهم . . أما مع التصريح بلفظ الجلالة ، فلا يبقى مجال لاحتمال