للعين يكمن في كونهم عباداً لله سبحانه ، إذ إن من لا يكون مطيعاً لهواه ، ولا عبداً للشيطان ، ولا يفقد توازنه عندما يرى المال ، والجاه ، والمنصب ، وسائر المغريات . . ويكون عابداً وعبداً لله سبحانه فقط . . فإنه سوف يتمكن من الوصول إلى الله ، ومن الشرب من عين الخيرات ، شرباً هانئاً روياً ، يعطيه القدرة على تفجير تلك العين بصورة مؤكدة وقوية ، ويحقق الرضا والاكتفاء والوصول إلى درجة السلام ، والأمن ، والغنى الذاتي ، وكل ذلك يحصل بإرادة واختيار منهم . .
وتفجيرهم لهذه العين تفجيراً ، معناه : أنها تملك مخزوناً عظيماً وهائلاً ، لا ينتهي . ونفس كونها عيناً ، معناه : أنها غزيرة ، وأن فيها قوة واندفاعاً ، وهو اندفاع دائم ومستمر ، كما دل عليه المفعول المطلق ، وهو قوله « تفجيراً » الذي جيء به لتأكيد عامله . .
وكونها عيناً ، يشير أيضاً إلى الغنى بها ، فلا يحتاجون إلى غيرهم ، وأصبح مستقبلهم بيدهم ، بل هم الذين ينتجون ما يسعدهم ، ولا يخشون من حرمان الآخرين لهم .
وهذه الأمور كلها حين يشعر بها الإنسان ، فإنه يعيش حالة الأمن والسلام ، والرضا ، والاطمئنان للمستقبل .
وقد قلنا : إن الآية تتحدث عن الأمور بواسطة الكنايات والاستعارات ، التي هي أبلغ من التصريح ، لأنها تتضمن الدعوى مع مبرراتها الموضوعية ، وأدلتها الحسية . .
وخلاصة ما ذكر في هذه الآيات عن الأبرار : أن عباديتهم لله تعالى ، تؤهلهم للشرب من عين الخيرات ، حتى إنهم يفجرونها تفجيراً ، ويحصلون على الاكتفاء الذاتي بسبب ارتباطهم بالله سبحانه ، الذي هو مصدر