العدول عن ضمير الغائب إلى التصريح مرة أخرى بكلمة « محمد » هو لأجل ذلك . .
2 - وقد يكون لأجل الاستئناس والتلذذ بذكره ، ولعل المثال المذكور آنفاً ، آت هنا أيضاً . . ولعل منه قوله [ صلى الله عليه وآله ] : « حسين مني وأنا من حسين » ، بدل أن يقول : « وأنا منه » . فإن ذكر الحبيب باستمرار أمر لذيذ ومحبب للنفس .
3 - وقد يكون من أجل إظهار أهميته وقيمته العالية ، وعظيم شأنه . .
4 - وقد يكون لمجموع ذلك كله ، بالإضافة إلى الإيحاء بخصوصيات معان يحتاج الطرف الآخر إلى استحضارها . قد ذكرنا طرفاً منها في عرضنا هذا . .
فالتصريح بلفظ الجلالة في هذه الآية المباركة يحدث في ذهن المخاطب تداعيات لمعانٍ كثيرة ومتنوعة . . فهو يحضر إلى الذهن معنى الألوهية ، التي تستجمع صفات الذات وصفات الفعل ، أو فقل : صفات الكمال : الجلالية ، والجمالية ، بأسمى وأعمق معانيها . .
والإله هو العزيز ، وهو الجبار ، وهو الخالق ، والرازق ، والشافي ، والعالم ، والقادر ، والكريم ، والرؤوف ، والرحيم ، والحي ، والقيوم ، وهو مصدر الحياة ، ومصدر المعارف الحقة ، وغير ذلك مما هو معلوم .
فهو إذن المستحق للعبادة ، الذي يرغب الأبرار في تعظيمه وتكريمه لنفس مقام ألوهيته وحباً لذاته المقدسة ، فإن هذه هي عبادة الأحرار ، الذين وجدوا الله أهلاً للعبادة فعبدوه ولم يعبدوه لمقام ربوبيته وحسب . .
أما لو ذكره بصيغة الضمير ، فقد لا يلتفت السامع إلى أي من المعاني والخصوصيات التي ذكرناها . كما أنه استبدل كلمة « إله » ، بكلمة « ربّ » ، فإن