تركت للنّاس دنياهم ودينهم شغلا بذكرك يا ديني ودنيائي .
راجع في عبارته باللَّغة العربيّة الكاملة ص 51 إلى ص 53 في المقدّمة الفارسيّة .
ولا يخفى أنّ هذه الموهبة الإلهيّة ليست مختصّة بالسيّد حيدر ، وليس هو الشخص الوحيد الَّذي يدّعي مثل هذه الدّعوى من أنّه مورد عناية الحقّ تعالى ، فإنّ القونوي أشار إلى ذلك في كتابه « مفتاح غيب الجمع والوجود » في بداية بحثه حول الإنسان ويذكّر فيه بإفاضة الحقّ سبحانه وتعالى عليه وقال : إنّ ما سنذكره من البحث حول الإنسان هو ما تسعه قدرة البيان والألفاظ والوقت ، وإلَّا فما حصل لنا من هذا المعنى خارج عن حدود الوصف والبيان والنطق والعبارات ، ويقول : « الشرح لهذا الوارد بلسان الوقت والحال والمرتبة » ، وقال ابن فناري في شرح هذه العبارة :
« لا بلسان حقيقة كما ورد إذ لا يسعه نطاق العبارة وفضاء الإشارة » مصباح الانس ص 287 .
وكذلك شيخ الإشراق فانّه قال في آخر كتاب حكمة الإشراق ص 259 وفي شرح حكمة الإشراق ص 562 ما هذا لفظه :
وسيعلم الباحث فيه أنّه قد فات المتقدّمين والمتأخّرين ما يسرّ اللَّه على لساني منه ، ولقد ألقاه النافث القدسي في روعي في يوم عجيب دفعة ، وإن كانت كتابته ما اتّفقت إلَّا في أشهر .
ولنتوجّه الآن إلى الكلمات النورانيّة الصّادرة من المجلسيّ الأوّل ( محمّد تقي المجلسيّ ) في كتاب روضة المتّقين ج 12 ص 127 حيث يقول :
والَّذي وجد هذا الضعيف في أزمنة الرياضات انّي كنت في مطالعة التفاسير إلى أن رأيت في ليلة فيما بين النوم واليقظة سيّد المرسلين صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، فقلت في نفسي : تدبّر في كمالاته وأخلاقه ، فكلَّما كنت أتدبّره تظهر لي عظمته صلَّى اللَّه عليه وآله وأنواره بحيث ملأ الجو واستيقظت فألهمت بأنّ القرآن خلق سيّد الأنبياء صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، فينبغي أن أتدبّر فيه فكلَّما ازداد تدبّري في آية واحدة كان تزداد الحقائق إلى أن ورد عليّ من العلوم ما لا تتناهى دفعة واحدة ، ففي كلّ آية كنت أتدبّر فيها كان يظهر مثل ولا يمكن التصديق بهذا المعنى قبل الوقوع فانّه كالممتنع العادي ، ولكنّ غرضي من ذكره الإرشاد للإخوان في اللَّه . انتهى كلامه ( رضي اللَّه عنه ) .