ثم قال : " أليس قد فرض اللَّه الزكاة فلم يجعلها إلَّا على من يملك مائتي درهم " [1] .
فأمّا من قدر على الحجّ ماشيا ، أو تمكّن منه على وجه غير ما قدّمناه فقد رغب فيه وندب إليه .
فإن فعله أصاب خيرا كثيرا ، وإن تركه لم يكن عاصيا للَّه ، بذلك جاء الأثر عن أئمّة الهدى عليهم السّلام [2] أيضا .
وفرضه عند آل محمد ( صلوات اللَّه عليهم ) على الفور دون التراخي بظاهر القرآن [3] ، وما جاء عنهم عليهم السّلام .
روى عبد الرحمن بن أبي نجران عن أبي جميلة ، عن زيد الشحّام ، عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال : قلت له التاجر يسوّف الحجّ ؟ " قال : إذا سوّفه ، وليس له عزم ، ثمّ مات فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام " [4] ، [5] .
والاستطاعة في الحقيقة هي الصحّة والسلامة ، فكلّ صحيح فهو مستطيع ، وإنّما يعجز الإنسان ويخرج عن الاستطاعة بخروجه عن الصحّة ، وقد يكون مستطيعا للفعل من لا يجد آلة له ويكون مستطيعا ممنوعا من الفعل والمنع لا يضادّ الاستطاعة وإنّما يضادّ الفعل ، ولذلك يكون الإنسان مستطيعا للنكاح وهو لا يجد امرأة ينكحها .
وقد قال اللَّه تعالى : ومَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ [6] ، فبين أنّ الإنسان يكون مستطيعا للنكاح وهو غير ناكح ، ويكون مستطيعا للحجّ قبل أن يحجّ ومستطيعا للخروج قبل أن يخرج .
قال اللَّه تعالى : وسَيَحْلِفُونَ بِاللَّه لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ [7] ، فخّبر أنّهم كانوا