وليس يجوز حمل حكم بعض الزوجات على بعض في ملَّة الإسلام ، لفساد القياس بها ، لا سيّما فيما لا تعرف له علَّة يوجب الحكم ، فيتعدّى بها إلى ما سواه .
وإن قالوا : إنّ الطلاق يقع بها قبل الأجل لأنّها زوجة أو للاستظهار والاختبار والخروج بالتبرّؤ عمّا فيه الشبهة من الاختلاف ، لم يلزمهم في ذلك شيء يقدره مخالفوهم من الأحوال .
ودعوى الخصم في هذا الفصل : إنّهم خارجون به عن الإجماع ، باطلة لأنّا قد بيّنّا أنّه لم يحفظ عنهم فيه ولا في نقيضه مقال ، فكيف يكون القول بأحدهما خروجا عن الإجماع ؟ ! اللَّهم إلَّا أن يعني بذلك أنّ القول فيما لم يقل فيه ، ولا في خلافه شيء يكون مبتدعا ، فيلزمه ذلك في كلّ ما تفرّع عن المسائل التي قال فيها برأيه ، ولم يكن فيه قول لإغفاله ، أو عدم خطوره لهم ببال ، أو لأنّه لم يتقدّم فيه سؤال .
ومتى صار إلى ذلك بدع جميع المتفقّهة عنده ، وخرج عن العرف فيما يحكم له بالإجماع ، أو بخلافه عند الفقهاء .
وأقلّ ما في هذا الباب أن يكون الحكم فيما حدث الآن ولم يحدث فيما سلف ، خروجا عن الإجماع ، وليس له أن ينفصل منّا في هذا المعنى بما يذهب إليه من القول بالقياس ، وإن لم نقل بمثل مقاله فيه ، فإنّا نقول في الشريعة ما يوجبه اليقين منها ، والاحتياط للعبادات فنقول على الحكم في الأشياء بما يقتضيه الأصل ، إن كان يدلّ عليه دليل حظر أو إباحة ، من طريق السمع أو العقل ، ولا ينتقل ذلك عن حكم شرعي إلَّا بنصّ شرعي .
وهذه جملة لها تفصيل لا يحتملها [1] هذا المكان وهي أيضا منصوصة عندنا من طريق الآثار ، إذ كنّا لا نرى القول بالظنّ في الأحكام .
ثمّ قال صاحب الكلام : على أنّهم إن حملوا أنفسهم على وقوع الطلاق بها ، وخالفوا الإجماع .
قيل لهم : هذا ينقض أصلكم في عددهنّ ، على ما تذهبون إليه في ذلك ، لأنّ اللَّه يقول :