فلم يصيروا إلى قول المسلمين في ذلك ، ولا إلى قول المنجّمين الذين اعتمدوا الرصد والحساب ، وادّعوا عليم الهيأة ، فصاروا مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، وأحدثوا مذهبا غير معقول ، ولا له أصل يستقرّ على الحجّاج ، وعملوا جدولا باطلا أضافوه إلى الصادق عليه السّلام ، لم أجد أحدا من علماء الشيعة وفقهائها وأصحاب الحديث منها على اختلاف مذاهبهم في العدد والرؤية إلَّا وهو طاعن فيه ، ومكذّب لرواية .
فصل
فصل وشهر رمضان من جملة الشهور التي قال اللَّه تعالى : إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّه اثْنا عَشَرَ شَهْراً [1] والشهر قد يكون تسعة وعشرين يوما ، وهو في الحقيقة شهر كما يكون ثلاثين يوما ، وليس يخرجه نقصانه من استحقاقه التسمية بأنّه شهر .وكيف لا يكون شهرا وهو تسعة وعشرون يوما ، والقرآن ناطق بأنّ الشهور عند اللَّه اثنا عشر شهرا ، وأصحاب العدد معترفون بأنّ منها ستّة ، كلّ واحد منها تسعة وعشرون يوما ، فقد أثبتوا الشهر شهرا على الحقيقة وإن كان تسعة وعشرين يوما .
وأمّا القول بأنّه يكون كاملا أو ناقصا ، فإنّه إذا كان تسعة وعشرين يوما كان ناقصا بالإضافة إلى الشهر الذي هو ثلاثون يوما ، وكان الشهر الذي هو ثلاثون يوما كاملا بالإضافة إلى الشهر الذي هو تسعة وعشرون يوما ، وهما شهران تامّان في عددهما .
فصل
فصل والذي يدلّ على فساد ذلك ، أنّه لو وجب على الإنسان في كفّارة ظهار أو إفطار يوم من شهر رمضان ، أو قتل خطأ ، صيام شهرين متتابعين ، فابتدأ الصوم على رؤية الهلال ، فصام شهرا كاملا وشهرا يليه ناقصا ، أو شهرا [ ناقصا وشهرا ] يليه كاملا ، لكان قد صام شهرين متتابعين ، ولم يلزمه أن يصوم ستّين يوما .ولو اتّفق له أن يكون الشهران ثمانية وخمسين يوما لأجزأه في الكفّارة ، لكان قد صام شهرين متتابعين ، وأدّى ما وجب عليه ، فثبت أن الشهر قد يكون شهرا وإن كان تسعة وعشرين يوما .