من جملة المسلمين ، وبانوا بحقيقتها عن سائر المقرّبين .
فقال سبحانه : * ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّه والَّذِينَ مَعَه أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّه ورِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ ومَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ ) * .
وكأنّ تقدير الكلام : أنّ الذين بيّنت أمثالهم في التوراة والإنجيل من جملة أصحابك ومن معك - يا محمد - هم أشدّاء على الكفّار ، والرحماء بينهم الذين تراهم ركعا سجّدا يبتغون فضلا من اللَّه ورضوانا .
وجرى هذا في الكلام مجرى من قال : زيد بن عبد اللَّه إمام عدل ، والذين معه يطيعون اللَّه ، ويجاهدون في سبيل اللَّه ، ولا يرتكبون شيئا ممّا حرّم اللَّه ، وهم المؤمنون حقا دون من سواهم ، إذ هم أولياء اللَّه الذين تجب مودّتهم دون من معه ممّن عداهم .
وإذا كان الأمر على ما وصفناه ، فالواجب أن تستقرئ الجماعة في طلب هذه الصفات ، فمن كان عليها منهم ، فقد توجّه إليه المدح وحصل له التعظيم ، ومن كان على خلافها ، فالقرآن إذن منبّه على ذمّه ، وكاشف عن نقصه ، ودالّ على موجب لومه ، ومخرج له عن منازل التعظيم .
فنظرنا في ذلك واعتبرناه ، فوجدنا أمير المؤمنين عليه السّلام وجعفر بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلَّب وعبيدة بن الحارث وعمّار بن ياسر والمقداد بن الأسود وأبا دجانة - وهو سمّاك بن خرشة الأنصاري [1] - وأمثالهم من المهاجرين والأنصار رضي اللَّه عنهم ، قد انتظموا صفات الممدوحين من الصحابة في متضمّن القرآن .
وذلك أنّهم بارزوا من أعداء الملَّة الأقران ، وكافحوا منهم الشجعان ، وقتلوا منهم الأبطال ، وسفكوا في طاعة اللَّه سبحانه دماء الكفّار ، وبنوا بسيوفهم قواعد الإيمان ،