. يريد أنّه قادر على إكراههم على الإيمان ، لكنّه لا يفعل ذلك ، ولو شاء لتيسّر عليه .
وكلَّما يتعلَّقون به من أمثال هذه الآية ، فالقول فيه ما ذكرناه أو نحوه على ما بيّناه ، وفرار المجبّرة عن إطلاق القول بأنّ اللَّه يريد أن يعصى ويكفر به ، ويقتل أولياؤه ويشتم أحبّاؤه ، إلى القول بأنّه يريد أن يكون ما علم كما علم ، ويريد أن تكون معاصيه قبائح منهيا عنها ، وقوع فيما هربوا منه ، وتورّط فيما كرهوه . وذلك أنّه إذا كان ما علم من القبيح كما علم ، وكان تعالى مريدا لأن يكون ما علم من القبيح كما علم فقد أراد القبيح ، وأراد أن يكون قبيحا فما معنى فرارهم من شيء إلى نفسه وهربهم من معنى إلى عينه ، فكيف يتمّ لهم ذلك مع أهل العقول ، وهل قولهم هذا إلَّا كقول إنسان : أنا لا أسبّ زيدا لكنّي أسب أبا عمرو ، وأبو عمرو هو زيد ، أو كقول اليهود ، إذ قالوا سخرية بأنفسهم :
نحن لا نكفر بمحمد صلَّى اللَّه عليه وآله ، لكنّا نكفر بأحمد ، فهذا رعونة وجهل ممّن صار إليه وعناء وضعف عمل ممّن اعتمد عليه [1] .
عذاب القبر المسألة الخامسة : أمّا قوله - أدام اللَّه مدّته - في عذاب القبر وكيفيّته ، ومتى يكون ؟
وهل تردّ الأرواح إلى الأجساد عند التعذيب أم لا ؟ وهل يكون العذاب في القبر أو يكون بين النفختين ؟
الجواب عن هذا السؤال : قد تقدّم في المسألة التي سبقت هذه المسألة .
والكلام من عذاب القبر بطريق السمع دون العقل . وقد روي عن الأئمّة عليهم السّلام أنّهم قالوا : " ليس يعذّب في القبر كلّ ميّت ، وإنّما يعذّب من جملتهم من محض الكفر ، ولا يتنعّم