أمير المؤمنين عليه السّلام ووضّح جهلهم في الاعتماد على التأويل الذي حكيناه عنهم للآية بما تلوناه من كتاب اللَّه تعالى وفصّلنا وجهه وكشفناه .
وقد حكي هذا المعنى بعينه في تأويل هذه الآية الربيع عن أبي العالية [1] والحسين بن محمّد ، عن الحكم ، وغيرهما ، عن جماعات من التابعين ، ومفسّري القرآن [2] .
فصل
فصل على أنّ عموم الوعد بالاستخلاف للمؤمنين الذي عملوا الصالحات من أصحاب النبي صلَّى اللَّه عليه وآله ، على ما اختصّوا به من الصفات في عبادتهم للَّه تعالى على الخوف والأذى والاستسرار بدين اللَّه جلّ اسمه ، على ما نطق به القرآن ، يمنع ممّا ادّعاه أهل الخلاف من تخصيص أربعة منهم دون الجميع ، لتناقض اجتماع معاني العموم على الاستيعاب والخصوص ، ووجوب دفع أحدهما صاحبه بمقتضى العقول .وإذا ثبت عموم الوعد ، وجب صحّة ما ذكرناه في معنى الاستخلاف من توريث الديار والأموال ، وظهور عموم ذلك لجميعهم في حياة النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وبعده بلا اختلاف ، بطل ما ظنّه الخصوم في ذلك وتأوّلوه على المجازفة ، والعدول عن النظر الصحيح .
فصل
فصل فإن قال منهم قائل : إنّ الآية وإن كان ظاهرها العموم ، فالمراد بها الخصوص ، بدليل وجود الخلافة فيمن عددناه دون الجميع . وعلى هذا يعتمد متكلَّموهم .قيل له : أحلَّت في ذلك من قبيل أنّك إنّما أوجبت لأصحابك الإمامة ، وقضيت لهم بصحّة الخلافة بالآية ، وجعلتها ملجأ لك في حجاج خصومك ، ودفعهم عمّا وصفوا به من فساد عقلك ، فلمّا لم يتمّ لك مرادك من الآية ، بما أوجبه عليك عمومها بظاهرها ، ودليل متضمّنها ، عدلت إلى تصحيح تأويلك منها ، بادّعاء ما تورّعت فيه من خلافة القوم ، وثبوت إمامتهم ، الذي أفقرك عدم البرهان عليه إلى تصحيحه عندك