responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرآن المجيد نویسنده : الشيخ المفيد    جلد : 1  صفحه : 379


قالَ مُوسى لِقَوْمِه اسْتَعِينُوا بِاللَّه واصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّه يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِه والْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا ومِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا قالَ عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ ويَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ [1] .
فبشّرهم بصبرهم على أذى الكافرين بميراث أرضهم ، والملك لديارهم من بعدهم ، والاستخلاف على نعمتهم ، ولم يرد بشيء من ذلك تمليكهم مقام النبوّة والإمامة على سائر الأمّة ، بل أراد ما بيّنّاه .
ونظير هذا الاستخلاف من اللَّه سبحانه لعباده ، وممّا هو في معناه قوله جلّ اسمه في سورة الأنعام : ورَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ويَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ [2] ، وليس هذا الاستخلاف من الإمامة وخلافة النبوّة في شيء وإنّما هو ما قدّمنا ذكره ووصفناه .
وقوله تعالى : ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ [3] ، فإنّما أراد بذلك تبقّيتهم بعد هلاك الماضين ، وتوريثهم ما كانوا فيه من النعم ، فجعله من مننه عليهم ولطفه بهم ليطيعوه ولا يكفروا به كما فعل الأوّلون .
ومنه قوله تعالى : آمِنُوا بِاللَّه ورَسُولِه وأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيه فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ [4] ، وقد علم كلّ ذي عقل أنّ هذا الاستخلاف مباين للعامّة في معناه ، وقد وفي اللَّه الكريم موعده لأصحاب نبيّه صلَّى اللَّه عليه وآله جميعا في حياته وبعد وفاته ، ففتح لهم البلاد ، وملَّكهم رقاب العباد ، وأحلَّهم الديار ، وأغنمهم الأموال ، فقال عزّ من قائل : وأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ ودِيارَهُمْ وأَمْوالَهُمْ وأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها . [5] وإذا كان الأمر على ما وصفناه ، ثبت أنّ المراد بالآية من الاستخلاف ما ذكرناه ، ولم يتضمّن ذلك الإمامة وخلافة النبوّة على ما بيّنّاه ، وكان الوعد به عموما لأهل الإيمان بما شرحناه ، وبطل ما تعلَّق به خصومنا في إمامة المتقدّمين على



[1] الأعراف : 128 - 129 .
[2] الأنعام : 133 .
[3] يونس : 14 .
[4] الحديد : 7 .
[5] الأحزاب : 27 .

نام کتاب : تفسير القرآن المجيد نویسنده : الشيخ المفيد    جلد : 1  صفحه : 379
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست