فصل
فصل ويؤكّد ذلك أنّ اللَّه عزّ وجلّ رغَّب للنهي عن قطيعة من سمّاه في صلته في المغفرة إذا انتهى عمّا نهاه عنه ، وصار إلى مثل ما أمره به ، حيث يقول : * ( أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّه لَكُمْ ) * .فلو لا أنّه كان مستحقّا للعقاب ، لما جعل المغفرة له بشرط الانتقال ، وإذا لم تتضمّن الآية انتقاله مع ما دلَّت عليه ، قبحت حاله وصارت وبالا عليه ، حسب ما ذكرناه .
فصل
فصل فأمّا ادّعاؤهم : أنّ اللَّه تعالى شهد لأبي بكر بأنّه من أهل الفضل والسعة ، فليس الأمر كما ظنّوه ، وذلك لقوله تعالى : * ( ولا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ والسَّعَةِ ) * ، إنّما هو نهي يختصّ بذكر أهل الفضل والسعة ، يعمّ في المعنى كلّ قادر عليه ، وليس بخبر في الحقيقة ولا المجاز ، وإنّما يختصّ بذكر ما سمّيناه على حسب اختصاص الأمر بالطاعات بأهل الإيمان حيث يقول تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه ورَسُولَه [1] ويا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّه حَقَّ تُقاتِه [2] .وإن كان المعنى من الأمر بذلك عامّا لجميع المكلَّفين ، والمراد في الاختصاص من اللفظ ما ذكرناه ، ملائمة الوصف لما دعا إليه من الأعمال ، وهو يجري مجرى قول القائل لمن يريد تأديبه ووعظه : لا ينبغي لأهل العقل والمروءة والسداد أن يرتكبوا الفساد ، ولا يجوز لأهل الدين والعفاف أن يأتوا قبائح الأفعال ، وإن كان المخاطب بذلك ليس من أهل المروءة والسداد ، ولا أهل الديانة والعفاف ، وإنّما خصّ بالمنكر ما وصفناه لما قدّمناه وبيّنّاه .
فيعلم أنّ ما تعلَّق به المخالف فيما ادّعاه من فعل أبي بكر من لفظ القرآن على خلاف ما توهّمه وظنّه ، وأنّه ليس من الخبر في شيء على ما بيّنّاه .
وأمّا قولهم : إنّ أبا بكر كان من أهل السعة في الدنيا بظاهر القرآن ، فالقول فيه