فصل
فصل وبعد : فليس يخلو امتناع أبي بكر عيلولة مسطح والإنفاق عليه من أن يكون مرضيّا للَّه تعالى ، وطاعة له ورضوانا ، أو أن يكون سخطا للَّه ومعصية وخطأ ، فلو كان مرضيّا للَّه سبحانه وقربة إليه ، لما زجر عنه وعاتب عليه ، وأمر بالانتقال عنه وحضّ على تركه ، وإذا لم يك للَّه تعالى طاعة ، فقد ثبت أنّه معصية مسخوطة وفساد في الدين ، وهذا دالّ على نقص الرجل وذمّه ، وهو بالضدّ ممّا توهّموه .فصل
فصل على أنّ مسطحا من بني عبد مناف [1] ، وهو من ذوي القربى للنبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله ، وما نزل من القرآن في إيجاب صلته وبرّه والنفقة عليه ، فإنّما هو شيء على استحقاقه ذلك عند اللَّه تعالى ، ودالّ على فضله ، وعائد على قومه بالتفضّل وأهله وعشيرته ، وكاشف عمّا يجب بقرابة النبي صلَّى اللَّه عليه وآله ، من التعظيم لمحسنهم ، والعفو عن مسيئهم ، والتجاوز عن الخاطئ منهم ، وليس يتعدّى ذلك إلى المأمور به ، ولا يكسبه شيئا ، وفي هذا إخراج لأبي بكر من الفضيلة بالآية على ما شرحناه .فصل
فصل على أنّ مسطحا وإن كان من بني عبد مناف ، فإنّه ابن خالة أبي بكر ، لأنّ أمّه أثاثة بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم ، وكان أبو بكر يموّنه لرحمة منه ، دون حقّه بالهجرة والإيمان ، فلمّا كان منه من أمر عائشة ، ما كان امتنع من عيلولته وجفاه ، وقطع رحمه غيظا عليه وبغضا له ، فنهاه اللَّه تعالى عن ذلك ، وأمره بالعود إلى برّه ، وأخبره بوجوب ذلك عليه لهجرته وقرابته من النبي صلَّى اللَّه عليه وآله ، ودلّ بما أنزله فيه على خطئه في حقوقه وقطيعته من استحقاقه ، لضدّ ذلك بإيمانه وطاعته للَّه تعالى وحسن طريقته ، فأين يخرج من هذا فضل لأبي بكر ؟ ! إلَّا أن تكون المثالب مناقب ، والذمّ مدحا ، والقبيح حسنا ، والباطل حقّا ، وهذا نهاية الجهل والفساد .