على ما بيّنّاه ممّن يوجب اليقين ، على أنّ الآثار الصحيحة والروايات المشهورة والدلائل المتواترة قد كشفت عن فقر أبي بكر ومسكنته ، ورقّة حاله وضعف معيشته ، فلم يختلف أهل العلم أنّه كان في الجاهلية معلَّما ، وفي الإسلام خيّاطا [1] ، وكان أبوه صيّادا ، فلمّا كفّ بذهاب بصره وصار مسكينا محتاجا ، قبضه عبد اللَّه بن جدعان لندي [2] الأضياف إلى طعامه ، وجعل له في كلّ يوم على ذلك أجرا درهما [3] ، ومن كانت حاله في معيشته على ما وصفناه ، وحال أبيه على ما ذكرناه ، خرج عن جملة أهل السعة في الدنيا ، ودخل في الفقراء ، فما أحوجهم إلى المسألة والاجتداء ! وهذا يبطل ما توهّموه .
فصل
فصل على أنّ ظاهر الآية معناها موجب لتوجّهها إلى الجماعة دون الواحد ، والخطاب بها يدلّ على تصريحه على ذلك ، فمن تأوّل القرآن بما يزيله عن حقيقته ، وادّعى المجاز فيه والاستعارة بغير حجّة قاطعة ، فقد أبطل [4] بذلك ، وأقدم على المحظور ، وارتكب الضلال .فصل
فصل على أنّا لو سلَّمنا لهم أنّ سبب نزول هذه الآية امتناع أبي بكر من برّ مسطح ، والإيلاء منه باللَّه تعالى لا يبرّه ويصله ، لما أوجب من فضل أبي بكر ما ادّعوه ، ولو أوجبه لمنعه من خطأه في الدين ، وإنكاره النصّ على أمير المؤمنين عليه السّلام ، وجحده ما لزمه والإقرار به على اليقين ، للإجماع على أنّ ذلك غير عاصم من الضلال ، ولا مانع من مقارفة الآثام ، فأين موضع التعلَّق بهذا التأويل في دفع ما وصفناه آنفا لولا الحيرة والصدّ عن السبيل ؟ !