فأمّا احتجاجه بما تلاه من سورة المؤمنين ، فإنّه لا حجّة فيه له على حال وذلك أنّ المستمتع بها زوجة عند جميع الشيعة ، ومن دان بإباحتها من مخالفيهم .
وما ادّعاه عليهم من إنكار ذلك ، باطل منه وبهتان ، ومذهبهم فيه على اجتماعهم نقيض دعواه .
ولو امتنع منهم ممتنع من التسمية للمستمتع بها بالزوجية - على ما تظنّى له - يناف بذلك حكم ما تلاه ، لجواز وجود نكاح ثالث ينضمّ إلى هذين النكاحين في التحليل ، ينطق به قرآن أو سنة عن النبي صلَّى اللَّه عليه وآله ، فيقوم ذلك مقام الآية الواحدة في تضمّنها للأقسام ، ولم يكن ممتنعا باتّفاق أهل اللسان أن تنزل الآية على هذا الترتيب ، فيكون تقدير الكلام : * ( والَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) * [1] .
وإذا لم يستحلّ ذلك في تقدير الكلام ، لم يبق في صحته إلَّا وجوده في آية أخرى من القرآن ، أو سنّة ثابتة عن النبي صلَّى اللَّه عليه وآله .
وهو موجود في الموضعين جميعا على البيان .
قال اللَّه بعد ذكر المحرّمات في النكاح : وأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِه مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً [2] فنطق الذكر الحكيم بإباحة نكاح الاستمتاع على اليقين ، وثبتت الرواية عن عبد اللَّه بن مسعود [3] وعبد اللَّه بن عباس [4] أنّهما كانا يقرآن هذه الآية : فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِه مِنْهُنَّ [5] وهذا ظاهر صريح في نكاح المتعة المخصوص .