من البحث الطويل والاستبراء للأحوال على مرور الأوقات ، والرجوع فيه إلى نفس قول الرسول صلَّى اللَّه عليه وآله الذي يحتاج في العلم به إلى النظر في معجز غيره ، والاعتماد على ما سواه من البيّنات ، فلا ينكر أن يكون الرسول صلَّى اللَّه عليه وآله إنّما عدل عن ذكر ذلك واحتجاجه به في جملة آياته لما وصفناه [1] .
[ انظر : نفس السورة ، آية 29 - 30 ، من الفصول المختارة : 256 . حول إمامة الأطفال . ] مشابهة علي عليه السّلام في كراماته مع الأنبياء في آيات اللَّه تعالى وبراهينه الظاهرة على أمير المؤمنين عليه السّلام ، الدالَّة على مكانه من اللَّه عزّ وجلّ واختصاصه من الكرامات بما انفرد به ممّن سواه للدّعوة إلى طاعته ، والتمسّك بولايته ، والاستبصار بحقّه ، واليقين بإمامته والمعرفة بعصمته وكماله ، وظهور حجّته .
فمن ذلك ما ساوى به نبيّين من أنبياء اللَّه ورسله ، وحجّتين للَّه على خلقه ، ما لا شبهة في صحّته ، ولا ريب في صوابه . قال اللَّه عزّ وجلّ في ذكر المسيح عيسى بن مريم روح اللَّه وكلمته ونبيّه ورسوله إلى خليقته ، وقد ذكر قصّة والدته في حملها له ووضعها إيّاه والأعجوبة في ذلك : * ( قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ ولَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ولَمْ أَكُ بَغِيًّا قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ولِنَجْعَلَه آيَةً لِلنَّاسِ ورَحْمَةً مِنَّا وكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا ) * .
وكان من آيات اللَّه - تبارك وتعالى - في المسيح عيسى بن مريم عليه السّلام نطقه في المهد ، وخرق العادة بذلك ، والأعجوبة فيه ، والمعجز الباهر لعقول الرجال .
وكان من آيات اللَّه تعالى في أمير المؤمنين عليه السّلام كمال عقله ووقاره ومعرفته باللَّه