بأنّ كلّ غائب عن الخلق مستتر بأمر دنية لأمر يؤمّه عنهم ، كما ادّعاه الخصوم ، يعرف جماعة من الناس مكانه ، ويخبرون عن مستقرّه .
وكم وليّ اللَّه تعالى ، يقطع الأرض بعبادة ربّه تعالى ، والتفرّد من الظالمين بعمله ، ونأى بذلك عن دار المجرمين ، وتبعّد بدينه عن محلّ الفاسقين ، لا يعرف أحد من الخلق له مكانا ، ولا يدّعى إنسان منهم له لقاء ، ولا معه اجتماعا .
وهو الخضر عليه السّلام ، موجود قبل زمان موسى عليه السّلام إلى وقتنا هذا ، بإجماع أهل النقل واتّفاق أصحاب السير والأخبار ، سائحا في الأرض ، لا يعرف له أحد مستقرّا ، ولا يدّعي له اصطحابا ، إلَّا ما جاء في القرآن به من قصّته مع موسى عليه السّلام .
وما يذكره بعض الناس من أنّه يظهر أحيانا ، ولا يعرف ، ويظنّ بعض الناس رآه أنّه بعض الزهاد ، فإذا فارق مكانه توهّمه المسمّى بالخضر وإن لم يكن ويعرف بعينه في الحال ، ولا ظنّه ، بل اعتقد أنّه بعض أهل الزمان .
وقد كان من غيبة موسى بن عمران عليه السّلام عن وطنه وفراره من فرعون ورهطه ما نطق به الكتاب [1] ، ولم يظهر عليه أحد مدّة غيبته عنهم ، فيعرف له مكانا حتى ناجاه اللَّه عزّ وجلّ وبعثه نبيّا فدعاء إليه وعرفه الوليّ والعدوّ إذ ذاك [2] .
هل خلقت الجنّة والنار ؟
المسألة التاسعة عشرة : قال السائل : وخبّرنا عن الجنّة والنّار : أخلقتا أم لا ؟ وعن الصّور : أيّ شيء هي ؟ والريح : من أيّ شيء خلقت ؟