ولا موجبا لانخفاض عن رتبة نبوّة وإرسال .
وأمّا إنكاره عليه السّلام خرق السفينة وقتل الطفل ، فلم ينكره على كلّ حال ، وإنّما أنكر الظاهر منه ليعلم باطن الحال منه . وقد كان منكرا في ظاهر الحال ، وذلك جار مجرى قبول الأنبياء عليه السّلام شهادات العدول في الظاهر ، وإن كانوا كذبة في الباطن وعند اللَّه وإقامة الحدود بالشهادات ، وإن كان المحدودون براء في الباطن وعند اللَّه .
وهذا أيضا ممّا لا يلتبس الأمر فيه على متأمّل له من العقلاء [1] .
ردّ من قال بخروج المهدي عن العرف لا بدّ للقائم المنتظر من غيبتين : أحداهما : أطول من الأخرى ، يعرف خبره الخاص في القصرى ، وليعرف العام له مستقرّا في الطولى ، إلَّا من تولَّى خدمته من ثقات أوليائه ، ولم ينقطع عنه الاشتغال بغيره .
والأخبار بذلك موجودة في مصنفات الشيعة الإمامية قبل مولد أبي محمد وأبيه وجدّه عليهم السّلام ، وظهر حقّها عند مضّي الوكلاء والسفراء ، الذين سمّيناهم رحمهم اللَّه ، وبان صدق رواتها بالغيبة الطولى .
وكان ذلك من الآيات الباهرات في صحّة ما ذهبت إليه الإمامية ، ودانت به في معناه .
وليس يمكن أن يخرج عن عادة أزماننا هذه غيبة بشر للَّه تعالى في استتاره تدبيرا لمصالح خلقه ، لا يعلمها إلَّا هو ، وامتحان لهم بذلك في عبادته ، مع أنّا لم نحط علما