والجواب عن هذه المسائل : أنّ الجنّة والنار مخلوقتان - على ما جاء به الأثر عن النبي صلَّى اللَّه عليه وآله - وهما أيضا مسكونتان تسكنهما الملائكة إلى يوم المآب ، فيسكنهما حينئذ الإنس والجانّ .
وأمّا الصور فهو جمع صورة ، لانّه يقال : صورة وصور ، كما يقال في جمع السورة :
سور .
والمعنى في قوله : * ( ونُفِخَ فِي الصُّورِ ) * يريد به إحياء الصور من الجنّ والإنس ، وكلّ مصوّر مات في الدنيا ، فجعل إنشاء الحياة فيها كالنفخ في الجسم يحرّكه ، فشّبه الحياة التي تكون فيها حركة الأجسام بالنموّ ، بالريح التي يتحرّك فيها ما جاورها من الأجسام .
فصل فأمّا الريح ، فليس لها أصل خلقت منه مقطوع به . وقد قيل : إنّها بخار الأرض وما يتحلَّل من الأجسام بالاستحالة ، وهي أجسام لطاف شفاف ، تتحرّك وتسكن ، وتجتمع وتفترق ، وتسخن وتبرد ، وتلذّ وتؤلم . يقضي بذلك المشاهدة ، ويستغني بالظهور عن الاستدلال عليه [1] .