وذلك كقوله سبحانه : والَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ويَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ [1] وهذا عموم في جميع الأزواج المخلَّفات بعد الوفاة .
وقوله : والَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ويَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْراً [2] وهذا أيضا عامّ ، وحكمهما متنافيان ، فلو لا أنّ العلم قد أحاط بتقديم إحداهما ، فوجب القضاء بالمتأخّرة الثانية منهما ، لكان الصواب هو الوقف عن الحكم بشيء منهما .
وكذلك إذا ورد حكمان في قضيّة واحدة ، أحدهما خاصّ والآخر عامّ ، ولم يعرف المتقدّم من المتأخّر منهما ولم يمكن الجمع بينهما وجب الوقف فيهما . مثل ما روي عن النبي صلَّى اللَّه عليه وآله أنّه قال : " لا نكاح إلَّا بوليّ " [3] والرواية عنه من قوله : " ليس للوليّ مع البنت أمر " [4] وهذا يخصّ الأوّل وفي الإمكان أن يقضي عليه في الأوّل ، وكلّ واحد منهما يجوز أن يكون الناسخ للآخر ، فعدلنا عنهما جميعا لعدم الدلالة على القاضي منهما وصرنا إلى ظاهر قوله عزّ وجلّ : فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ [5] وقوله : وأَنْكِحُوا الأَيامى مِنْكُمْ [6] في إباحة النكاح بغير اشتراط وليّ على الإطلاق .
وإذا ورد لفظ عامّ في حكمه ، وكان معه لفظ خاصّ في ذلك الحكم بعينه وجب القضاء بالخاصّ ، وليس هذا مثل الأوّل . ومثاله قول اللَّه عزّ وجلّ : والَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [7] . وهذا عامّ في ارتفاع اللوم عن وطء الأزواج على كلّ حال .
والخصوص قوله سبحانه :