والمجانين ؟ ! وإنّما يدّل استثناؤهم لفظا على استثناء أهل العقول .
فبم ينكر أن يكون الشرط في السابقين مثل الشرط في التابعين ، وأنّ اللفظ من ذكر السابقين موجود في التابعين ؟ وهذا بيّن لمن تدّبره .
على أنّ الذي ذكرناه في الخبر ، وبيّنّا أنّه لا يجوز من الحكيم تعالى أن يقطع بالجنّة إلَّا على شرط الإخلاص ، لما تحظَّره الحكمة من الإغراء بالذنوب ، يبطل ظنّهم في تأويل هذه الآية ، وكلّ ما يتعلقون به من غيرها في القطع على أمان أصحابهم من النار ، للإجماع على ارتفاع العصمة عنهم ، وأنّهم كانوا ممّن يجوز عليه اقتراف الآثام ، وركوب الخلاف للَّه تعالى على العمد والنسيان ، وقد تقدّم ذلك فيما سلف ، فلا حاجة بنا إلى الإطالة فيه [1] .
* ( ومِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرابِ مُنافِقُونَ . . . ) * ( التوبة / 101 ) إثبات نفاق بعض الصحابة إنّ اللَّه سبحانه أعلمه أنّ في أمّته من يبتغي له الغوائل ، ويتربّص به الدوائر ، ويسرّ خلافه ويبطن مقته ، ويسعى في هدم أمره ، ويناقضه ( ينافقه خ ل ) في دينه ، ولم يعرفه بأعيانهم ، ولا دلَّه عليهم بأسمائهم ، فقال عزّ اسمه : * ( ومِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ ) * ، وقال جلّ اسمه : وإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّه قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ [2] ، وقال تبارك اسمه : يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّه لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ [3] ، وقال :