فلو لا أنّه ( رحمة اللَّه عليه ) مات على الإيمان ، لما جاز من رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله رجاء الخيرات له من اللَّه عزّ وجلّ ، مع ما قطع له تعالى به في القرآن وعلى لسان نبيّه صلَّى اللَّه عليه وآله من خلود الكفّار في النار ، وحرمان اللَّه لهم سائر الخيرات ، وتأبيدهم في العذاب على وجه الاستحقاق والهوان .
فصل فأمّا قوله رضي اللَّه عنه المنبّه على إسلامه وحسن نصرته ، وإيمانه الذي ذكرناه عنه ، فهو ظاهر مشهور في نظمه ، المنقول عنه على التواتر والإجماع ، وسأورد منه جزءا يدّل على ما سواه ، إن شاء اللَّه تعالى . . .
ومن ذلك قوله رضى اللَّه تعالى عنه :
إذا قيل من خير هذا الورى قبيلا ، وأكرمهم أسرة ؟
أناف بعبد مناف أبي أبو نضلة هاشم الغرّة [1] وقد حلّ مجد بني هاشم مكان النعائم والزّهرة [2] وخير بني هاشم أحمد رسول المليك على فترة وهذا مطابق لقوله تعالى : قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ [3] .
فإن لم يكن في ذلك شهادة للنبي صلَّى اللَّه عليه وآله بالنبوّة ، فليس في ظاهر الآية شهادة ، وهذا ما لا يرتكبه عاقل له معرفة بأدنى معرفة أهل اللسان [4] .