* ( فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّه إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ . . . ) * . فقطع على استحقاقهم العقاب ، وأخبر نبيّه صلَّى اللَّه عليه وآله بخروجهم من الدنيا على الضلال ، ونهاه عن الصلاة عليهم إذا فارقوا الحياة ، ليكشف بذلك عن نفاقهم لسائر الناس ، وشهد عليهم بالكفر باللَّه عزّ اسمه ، وبرسوله صلَّى اللَّه عليه وآله بصريح الكلام ، ولم يجعل لهم في الثواب شرطا على حال [1] .
[ انظر : سورة الفتح ، آية 15 - 16 في نفاق بعض الصحابة ، من الإفصاح : 113 . ] الدليل على إيمان أبي طالب دعاء النبي صلَّى اللَّه عليه وآله له ( أبي طالب ) بالخيرات ووعده أمّته فيه بالشفاعة إلى اللَّه ، واتّباعه بالثناء والحمد والدعاء ، وهذه هي الصلاة التي كانت مكتوبة ، إذ ذاك على أموات أهل الإسلام ، ولو كان أبو طالب مات كافرا ، لما وسع رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله الثناء عليه بعد الموت ، والدعاء له بشيء من الخير ، بل كان يجب عليه اجتنابه ، واتّباعه بالذّم واللوم على قبح ما أسلفه من الخلاف له في دينه ، كما فرض اللَّه عزّ وجلّ ذلك عليه للكافرين ، حيث يقول : * ( ولا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً ولا تَقُمْ عَلى قَبْرِه ) * .
وفي قوله : وما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لأَبِيه إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاه فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَه أَنَّه عَدُوٌّ لِلَّه تَبَرَّأَ مِنْه [2] .
وإذا كان الأمر على ما وصفناه ، ثبت أنّ أبا طالب رضي اللَّه عنه مات مؤمنا ، بدلالة فعله ومقاله ، وفعل نبي اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله به ومقاله ، حسبما شرحناه .
ويؤكّد ذلك ما أجمع عليه أهل النّفاق من العامّة والخاصة ، ورواه أصحاب الحديث عن رجالهم الثقات ، من أنّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله سئل فقيل له : ما تقول في عمّك أبي طالب ، يا رسول اللَّه ، وترجو له ؟ قال : " أرجو له كلّ خير من ربي " [3] .