في معنى جهاد النبي مع المنافقين .
فقال : ما رأيناه " جاهد المنافقين " فما الوجه في ذلك ؟
والجواب : أنّ الجهاد على ضربين : جهاد بالسيف وجهاد باللسان ، وكان الجهاد بالسيف مفروضا على النبي صلَّى اللَّه عليه وآله للكفّار ، الذين ظاهروا بالكفر والشرك ، وكان جهاد اللسان مفروضا عليه للمنافقين ، وقد أدّى الفرضين معا ، فجاهد الكفّار بالسيف كما أمر اللَّه تعالى ، وجاهد المنافقين باللسان كما فرض عليه .
ووجه آخر : هو أنّه قد جاهد الفريقين بالسيف ، فتولَّى جهاد الكفّار وأوصى أخاه وابن عمّه أمير المؤمنين عليه السّلام بجهاد المنافقين من بعده ، فقام بأمره في ذلك ونفذ وصاته ، فجاهد أهل البصرة وأهل الشام وأهل النهروان ، وأقام حدّ اللَّه فيهم . وليس لقائل أن يقول : إنّ الجهاد فرض عليه ليتولَّاه بنفسه ، إذ قد تولَّى جهاد كثير من الكفّار في أمراء لم يباشر جهادهم بنفسه ، وكان هو المجاهد لهم بحكم الدين ، إذ كان أمراؤه تولَّوه نيابة عنه وامتثالا لأمره فيه ، فكذلك يكون الحكم فيما تولَّاه أمير المؤمنين في جهاد من سميّناه ، ويكون النبي صلَّى اللَّه عليه وآله هو المجاهد لهم بحكم الدين ، على ما شرحناه .
فصل ولعلّ قائلا يقول : قد وجدناكم حكمتم على طوائف بالنفاق لم يتولّ عليّ [ عليه السّلام ] جهادهم .
فيقال له : قد وجدنا جماعة كفّار من أهل الكتاب وغيرهم لم يتولّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله جهادهم ، ولم يمنع ذلك أداء الفرض عليه في جهاد الكفّار [1] .
وقال جلّ اسمه في المخلَّفين الآخرين من المنافقين المذكورين في سورة البراءة :