وقال أيضا في معنى العرش عند تفسير قوله تعالى : وأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ولَها عَرْشٌ عَظِيمٌ [1] :
يريد لها ملك عظيم ، فعرش اللَّه تعالى هو ملكه واستواؤه على العرش ، هو استيلاؤه على الملك ، والعرف تصف الاستيلاء بالاستواء ، فأمّا العرش الذي تحمله الملائكة ، فهو بعض الملك . . . " .
ثم ذكر أخبارا في خلق البيت تحت العرش سمّاه البيت المعمور ، وغيرها من الأخبار ، ثم قال :
" والأحاديث التي رويت في صفة الملائكة الحاملين للعرش ، أحاديث آحاد وروايات أفراد لا يجوز القطع بها ، ولا العمل عليها ، والوجه الوقوف عندها ، والقطع على أنّ الأصل في العرش هو الملك ، والعرش المحمول جزء من الملك " [2] .
وغيرها من الروايات المنقولة في تأويل بعض المفردات أو الآيات القرآنية ، فيشك في صحتها ، أو يرّدها بكلمات قاطعة ، معلَّلا ذلك : بأنّها لم يؤيّدها نص من نصوص القرآن الكريم ، أو أنّها أحاديث آحاد وروايات افراد ، أو حديث شاذ مجهول الأسناد ، وعلل أخرى في ردّ تلك الروايات .
التفسير اللغوي والشاهد الأدبي إنّ ظهور التفسير اللغوي والرجوع إلى الشعر العربي الفصيح كان لضرورة واقعية لإيضاح المعنى القرآني واستخراج مفاهيمه وإنقاذ لها من اختلاف اللهجات العربية ، ولذلك رأينا أنّ ابن عباس وكبار المفسرين من تلامذ مدرسته قد قاموا إلى التفسير اللغوي ، بحيث أننّا لو راجعنا على سبيل المثال باب التفسير في كتب أهل السنة مثل صحيح البخاري ، وجدنا أنّ معظم ما ورد فيه من التفسير اللغوي ، كان نتيجة طبيعية لجهود ابن عباس وجهود تلاميذه ، الكبار من أمثال مجاهد بن جبر وسعيد بن جبير [3] .