خفوف من بين أظهركم ، وإنّى مخلف فيكم ما أن تمسّكتم به لن تضلَّوا ، كتاب اللَّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض " .
ثم نادي بأعلى صوته : " ألست أولى بكم منكم بأنفسكم " ؟ قالوا : " اللَّهم بلى " ، فقال لهم على النسق من غير فصل وقد أخذ بضبعي [1] أمير المؤمنين عليه السّلام ، فرفعهما حتى بان بياض إبطيهما وقال :
" فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه اللَّهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله " .
ثم نزل صلَّى اللَّه عليه وآله وكان وقت الظهيرة - فصلَّى ركعتين ، ثم زالت الشمس فأذّن مؤذّنه لصلاة الفرض ، فصلَّى بهم الظهر ، وجلس صلَّى اللَّه عليه وآله في خيمته وأمر عليّا عليه السّلام أن يجلس في خيمة له بإزائه ثم أمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجا فوجا فيهّنئوه بالمقام ويسلَّموا عليه بإمرة المؤمنين ففعل الناس ذلك كلَّهم ، ثم أمر أزواجه وسائر نساء المؤمنين معه أن يدخلن عليه ويسلَّمن عليه بإمرة المؤمنين ففعلن .
وكان فيمن أطنب في تهنيته بالمقام عمر بن الخطَّاب وأظهر له من المسرّة به ! وقال فيما قال : " بخّ بخّ لك يا عليّ ! أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة " ! [2] وجاء حسّان بن ثابت إلى رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله فقال : يا رسول اللَّه : أتأذن لي أن أقول في هذا المقام ما يرضاه اللَّه ؟ فقال له : " قل يا حسّان على اسم اللَّه " ، فوقف على نشز من الأرض وتطاول المسلمون لسماع كلامه ، فأنشأ يقول :
يناديهم يوم الغدير نبيّهم بخمّ وأسمع بالرسول مناديا وقال فمن مولاكم ووليّكم ؟ فقالوا ولم يبدوا هناك تعاديا إلهك مولانا وأنت وليّنا ولن تجدنّ منّا لك اليوم عاصيا