الصحابة لكن الشناعة في قولهم بالمسح على الخفّين ، اللذين ليسا من بعض الإنسان ولا من جوارحه ولا نسبة بينهما وبين أبعاضه إلَّا كغيرهما من الملبوسات ، والقرآن ينطق بضد قولهم في ذلك ، إذ صريحه يفيد إيقاع الطهارة بنفس الجارحة دون ما عداها ، وقد قال الصادق عليه السّلام : " إذا ردّ كلّ إهاب إلى موضعه ذهبت طهارة هؤلاء - يعني الناصبة - في جلود الإبل والبقر والغنم " ، وهم أنفسهم أعني الناصبة يروون عن عائشة أنّها قالت :
" لئن تنقطع رجلاي بالمواسي ، أحبّ أليّ من أن أمسح على الخفّين " ، ويروون عن أبي هريرة أنّه كان يقول : " ما أبالي أمسحت على خفّي ، أم مسحت على ظهر عير بالفلاة " [1] .
آراء أبي حنيفة في الوضوء والغسل وقال اللَّه تعالى في الطَّهارة التي جعلها مفتاح الصلاة : * ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) * .
فرتّب اللَّه الطهارة في كتابه ، وأدّى ذلك رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله بتعليم أصحابه الطهارة . فبدأ بغسل وجهه ويده اليمنى ثم اليسرى ، ومسح برأسه ورجليه ، و قال : هذا وضوء لا تقبل الصلاة إلَّا به .
فردّ النعمان ذلك وناقضه ، وقال : من توضّأ فبدأ بغسل رجليه ، وثنّى بمسح رأسه ، ثم غسل يديه ، ثم ختم بغسل وجهه ، فخالف بذلك ترتيب اللَّه ، إذ قدّم المؤخّر من هذه الأعضاء ، وخلط في الترتيب وغيّر بعضه أو جميعه ، فقد أدّى ما وجب عليه ، وامتثل أمر اللَّه له فيه ، ووافق سنّة النبي " صلَّى اللَّه عليه وآله ، فعاند بذلك في المقال ، وردّ صريح القرآن ، وخالف السنّة بلا ارتياب .
ثم زعم بعد الذي ذكرناه أنّه من كان محدثا ما يوجب الطهارة بالوضوء أو الغسل ،