المراد بمغفرة الذنوب التي دون الشرك
المراد بمغفرة الذنوب التي دون الشرك المسألة الثامنة والعشرون : وسأل عن قوله عزّ وجلّ : إِنَّ اللَّه لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِه ويَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ، ثم قال : عرّفنا هل يجوز أن يغفر قتل العمد ويعفو عن الخوارج على الأئمة وإن لم يخالفوا في الأصول ؟والجواب عن ذلك : أنّ كلّ معصية للَّه عزّ وجلّ تكون كفرا ، فهي شرك في حكم الشرع والدين ، وكلّ كافر فهو مشرك من أسماء الدين دون أسماء اللغة . وكلّ مشرك فهو كافر من أسماء الدين واللغة ، وإذا كان الأمر على ما ذكرناه وجب القطع على وعيد الكفّار بأيّ ضرب من الكفر وأنواعه ، لما ذكرناه من استحقاق السّمة لهم بالشرك في حكم الدين . والخوارج على أئمّة العدل إذا استحلَّوا حربهم وعداوتهم وقتل المؤمنين من أنصارهم ، فهم كفّار بذلك ، وحكمهم حكم المشركين وقد دخلوا بذلك في الوعيد من قوله تعالى : إِنَّ اللَّه لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِه ويَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ
فصل
فصل فأمّا قتل العمد فهو على ضربين :أحدهما : أن يكون القاتل مستحلَّا له .
والضرب الآخر : أن يقع على وجه التحريم .
فمن قتل مؤمنا مستحلَّا لدمه فهو كافر بقتله ، مستحقّ للوعيد لقوله : إِنَّ اللَّه لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِه ، وبأمثال هذه الآية من وعيد الكفّار . ومن قتل مؤمنا محرّما لقتله خائفا من العقوبة له على ذلك ، معتقدا لوجوب الندم عليه منه ، كان مستثنى بقوله : ويَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ، غير أنّا لا نقطع على عقابه ، ولا نجزع للعفو عنه ، إلَّا أن يندم ويتوب ، فيكون مقطوعا له بالعفو والغفران [1] .