responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرآن المجيد نویسنده : الشيخ المفيد    جلد : 1  صفحه : 163


[ انظر : سورة الأنعام ، آية 160 ، من عدة رسائل ( رسالة السروية ) : 230 حول عفو مرتكب الكبيرة . ] [ انظر : سورة النساء ، آية 3 ، في مسألة تعدّد الزوجات ، من المقنعة : 517 . ] فأمّا من كان منهم [ الصحابة ] يظاهر النبي صلَّى اللَّه عليه وآله بالإيمان ، ممّن يقيم معه الصلاة ويؤتي الزكاة وينفق في سبيل اللَّه ، ويحضر الجهاد ، ويباطنه بالكفر والعدوان ، فقد نطق بذكره القرآن ، كما نطق بذكر من ظهر منه النفاق ، قال اللَّه تعالى : إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّه . . . [1] .
[ انظر : سورة التوبة ، آية 101 ، في نفاق بعض الصحابة ، من كتاب الفصول المختارة :
13 . وسورة آل عمران : 144 ، حول نفس الموضوع ، من الإفصاح : 52 . ] وذكر أبو جعفر [ الصدوق رحمه اللَّه ] في قوله تعالى : يُخادِعُونَ اللَّه وهُوَ خادِعُهُمْ [2] و :



[1] الإفصاح : 61 .
[2] قوله تعالى : إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّه وهُوَ خادِعُهُمْ ) * إلخ ( النّساء : 142 ) سيأتي الأصل في آية : * ( اللَّه يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ) * ونوضّح أنّ العرف من عرب وغيرهم يتمثّلون في أغلب محاوراتهم استعارة بالعمل عن أشباهه وما على شاكلته فيقولون : " نام فلان عن حقّه وتحزّم لحقّ غيره " فلا يخطر ببالهم الحزم والمنام المحسوسان ، وإنّما يريدون أنّه يعمل عملا يشبه بالنّائم عن حقّ نفسه أو المحتزم لخدمة غيره ، كما يقال لمن قعد عن طلب نصيبه أوضيّع فرصة متاحة : لقد كنت نائما أو غائبا ، وإن كان حاضرا واعيا ، لأنّ عمله يشبه عمل النّائم والغائب دون عمل الواعي الحاضر ، كذلك الَّذين يتشبّثون لأهوائهم وشهواتهم بدسائس التّموية والتّطلية والحيل الشّرعيّة والتّزوير في التّسمية كأنّهم يمكرون ويخدعون اللَّه . ثمّ إنّ اللَّه تعالى في إسقاطهم على عرّة يشبه من يقابلهم بالمكر والخديعة في حين أنّه ليس مكرا في الحقيقة ، وإنّما هو تأديب بعد استدراج ، وبعد إنذار واحتجاج ، وبهذه المناسبة وصف اللَّه بأنّه خير الماكرين وخادع المنافقين . إنّ الماكرين أو الخادعين لا يعملون لغاية مقدّسة ولا يسبق منهم إنذار لمن في وجههم أو إعلامه لكنّما اللَّه سبحانه يعمل لغاية قدسية كالتّأديب ، ويعمل بعد الإنذار والمواعيد لعلَّهم يحذرون ويتّقون ، فهي وأشباهها بحسب الاصطلاح استعارة ، لكنّ الشّيخين الجليلين حسباها من المجاز المرسل . ش . ( 1 ) التوبة : 67 . ( 2 ) آل عمران : 54 . ( 3 ) البقرة : 15 . ( 4 ) قوله تعالى : * ( " اللَّه يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ويَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ " ( البقرة : 16 ) أنّ بلاء الظَّاهرية وأعني بهم الغلاة المتمسّكين بالظَّواهر المأثورة ليس على الدّين والمسلمين بأقلّ من بلاء الباطنيّة وأعني بهم الغلاوة في التّمسّك ببواطن الآثار واعتبارهم ظواهر النّقل العرفيّة قشورا ، وما هؤلاء وأولئك سوى طرفي إفراط وتفريط في الحقيقة ، وأحرى بهم أن يعدلوا عن تطرّفهم ويسلكوا مذهب التّوسّط والاعتدال ، فإنّ للقرآن والحديث ظواهر مقصودة عند التّخاطب مثل : * ( " وأَقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ " ( البقرة : 44 ) و * ( " أَحَلَّ اللَّه الْبَيْعَ وحَرَّمَ الرِّبا " إلى آخره ( البقرة : 276 ) مجمعا عليها بالضّرورة . كما أنّ في القرآن والحديث ألفاظا لا يراد منها معانيها اللَّغوية الأصليّة المبذولة ، وإنّما قصد منها معان عرفيّة يتقبّلها عرف التّخاطب على سبيل التّجوز والتّشبيه كآية : * ( " يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ " ( البقرة : 20 ) أو حديث : " الحجر الأسود يمين اللَّه في أرضه " فلا ترى العقلاء إلَّا مجتمعين على صرف هذه الألفاظ عن مفاهيمها اللَّغوية الأصليّة إلى معان تمثيليّة رائجة الاستعمال في محاورات العرف من كلّ أمّة ، فتجد العرف يقولون " فلان نام عن ميراث أبيه وتحزّم لمنازعة السّلطان " أي عمل شبيه عمل النّائم أو شبيه المتحزّم دون أن يقصد النّوم الأصليّ أو الحزام الحقيقيّ ، قال الشّاعر : لا تعجبي يا سلم من رجل ضحك المشيب برأسه فبكى وليس المشيب في الحقيقة إنسانا يضحك ، لكنّه يعمل بالرجل شبه عمل الضّاحك المستهزئ ، وكذلك اللَّه سبحانه يعمل بالظالمين عملا يخيّل للناظر البسيط غير المتعمّق أنّه عمل المستهزئ بهم ، لأنّه سبحانه يوسّع عليهم ابتداء ويملي لهم ويمدّهم في طغيانهم حتّى إذا استمرّ طغيانهم وضاق الذّرع بهم وبظلمهم أخذهم أخذ عزيز مقتدر على حين غفلة وبدون مهلة ، فيخال البسطاء أنّه سبحانه يستهزئ بهم أو يمكر في إذلالهم بعد الإعزاز وإسقاطهم بعد الإسعاد والإمداد ، لكنّ الخواصّ من ذوي الألباب يعلمون أنّ إمهالهم بادئ بدء استدراج وإتمام حجّة ، ثمّ التّنكيل بهم تأديب لهم وللبقيّة ، ويشهد على هذا قوله بعدئذ : * ( " ويَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ . . . " إلخ . ش .

نام کتاب : تفسير القرآن المجيد نویسنده : الشيخ المفيد    جلد : 1  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست