فصل
فصل مع أنّ الولاية في اللغة ، وإن كانت تكون بمعنى المودّة ، فإنّها في هذا الموضع غير متوجّهة إلَّا إلى معنى فرض الطاعة ، لأنّ قوله تعالى : إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّه جار مجرى قوله : لا وليّ لكم إلَّا اللَّه ، ومحال أن يقصد بالولاية هاهنا المحبّة والمودّة .ولأنّه قد أخبر في آية أخرى ، أنّ المؤمنين بعضهم أولياء بعض ، فدلّ على أنّ الولاية في هذه الآية خاصّة لأمير المؤمنين عليه السّلام بمعنى يزيد على المودّة ، ولا وجه لما زاد على معنى المودّة إلَّا ما ذكرناه من فرض الطاعة ، المقتضى لصاحبه من الخلق التقدّم بالإمامة على من عداه من الأنام . وفي هذا القدر مع إيجازه غناء عمّا سواه ، والإبانة عمّا ذكرناه من تضمن الآية النصّ على أمير المؤمنين عليه السّلام بالإمامة حسب ما قدّمناه .
فصل
فصل وقد اشتبه على ضعفة من مخالفينا ، اختصاص أمير المؤمنين عليه السّلام بالولاية المذكورة في القرآن ، لظاهر لفظ العموم في قوله : والَّذِينَ آمَنُوا ، فأنكروا لذلك أن يكون المعنيّ بها أمير المؤمنين عليه السّلام ، وهو واحد ، وهذا بعد منهم عن اللغة إذ كانت قد أتت بمثله في مواضع كثيرة من القرآن كقوله تعالى : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ [1] ، وهو لفظ عموم اختصّ بالبارئ وحده تعالى .وكذلك قوله : إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِه [2] ، وقوله عزّ وجلّ : والسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ [3] ، وقوله : إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ [4] ، وقوله عزّ وجلّ يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ [5] ، والمخاطب به رسول واحد . وقوله تعالى : يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ [6] .
فواجه تعالى بلفظ التوحيد ، ثم اتّبع الكلام بلفظ الجمع . وقال المفسّرون في قوله