عدمها رزقا تحصل لهم به اللَّذات ، وإن افتقروا إليها ، كان الرزق لهم بحسبه في الدنيا على السواء .
فصل : فأمّا قوله : ما صورة هذه الحياة ؟
فالحياة : لا صورة لها ، لأنّها عرض من الأعراض ، وهي تقوم بالذات الفعالة دون الأجساد التي تقوم بها حياة النمو ، دون الحياة التي هي شرط العلم والقدرة ونحوهما من الأعراض .
فصل : وقوله : إنّا مجمعون على أنّ الجواهر لا تتلاشي ، فليس ذلك كما ظن ، ولو كان الأمر فيه كما توهم ، لم يمتنع أن توجد الحياة لبعض الجواهر وترفع من بعض ، كما توجد حياة النمو لبعض الأجسام وترفع من بعض على الاتّفاق .
ولو قلنا إنّ الحياة بعد النقلة عن هذه الدار تعم أهل الكفر والإيمان ، لم يفسد ذلك علينا أصلا في الدين . وكانت الحياة لأهل الإيمان شرطا في وصول اللَّذات إليهم ، والحياة لأهل الكفر شرطا في وصول الآلام إليهم بالعقاب [1] .
وقد روي عن النبي صلَّى اللَّه عليه وآله أنّه قال : " من صلَّى عليّ عند قبري سمعته ومن صلَّى عليّ من بعيد بلَّغته " .
وقال صلَّى اللَّه عليه وآله : " من صلَّى عليّ مرة صلَّيت عليه عشرا ، ومن صلَّى عليّ عشرا صلَّيت عليه مائة فليكثر امرؤ منكم الصلاة عليّ أو فليقلّ " [2] فبيّن أنّه صلَّى اللَّه عليه وآله بعد خروجه من الدنيا يسمع الصلاة عليه ، ولا يكون كذلك إلَّا وهو حيّ عند اللَّه تعالى ، وكذلك أئمة الهدى عليه السّلام يسمعون سلام المسلَّم عليهم من قرب ويبلغهم سلامه من بعد ، وبذلك جاءت الآثار الصادقة عنهم .
وقد قال اللَّه تعالى : * ( ولا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّه أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ ) * [3] .