والحقائق الكونية بل الإمكانية صقعا من العوالم ، أمّا في دركات سجّين ، فالقلب ما دام كائنا في شطر الحق ، باقيا وجهه تلقاء عليين ينطبع فيه صور الحقائق والمعاني الحقة والواقعية ، فإذا صار منكوسا ، منحرفا وجهه عن الملكوت الأعلى ، حصل له المحاذاة إلى سجّين ، فينطبع فيه صور الحقائق والمعاني الحقّة والواقعيّة ، فإذا صاد منكوسا ، منحرفا وجهه عن الملكوت الأعلى ، حصل له المحاذاة إلى سجّين ، فينطبع فيه صور الأوهام الباطلة ، والخيالات المخبثة الشيطانية ، والأهواء الرديّة .
وعلى كل حال فالواردات القلبية كثيرا ما يشتبه حقّها بباطلها ، وصدقها بكذبها ، بل ربما يشتبه أيضا على من خطر له هذه الخواطر ، فضلا عن غيره ، فلذا مسّت الحاجة إلى إقامة ميزان ، يتميّز به كل من الآخر .
فعن بعضهم أنّ الخواطر الملكية ما يدعوا إلى الطاعة والعبادة ، والشيطانية ما يدعوا إلى المخالفة والمعصية ، وردّ بأنّه ربما يكون الهمّ بالعبادة أفسد من الهمّ بالمعصية ، لما فيه من مكائد خفيّة للنفس ، وقد يلمّ بنشاط في العبادة والعبد يظنّ أنّه بخلوص القلب ، وربما كان لنفاق خفي منه ، وعلَّة كامنة في ذاته من طلب المنزلة والجاه عند الخلق ، بل قيل : إنّ معرفة تميز الخواطر صعب المنازل جدّا لا يكاد يتيسّر إلا بعد استقصاء تامّ في العلوم الحقّة مع التقوى ، وإنّه اتّفق المشايخ على أنّ من كان أكله من الحرام لا يفرّق بين الوسوسة والإلهام .
وعن آخر أنّ كلّ ما يكون سببا للخير بحيث يكون مأمون الغائلة في العاقبة ولا يكون سريع الانتقال على غيره ، ويحصل بعده توجّه تامّ إلى الحقّ ولذّة عظيمة مرغَّبة في العبادة فهو ملكي رحماني ، وإلَّا شيطاني ، وفيه المنع من اطَّراده وانعكاسه .
وعن ثالث أنّ ما يظهر من يمين القلب وقدّامه أكثره ملكي ، وما يظهر من