وبوجه آخر القلب دائم الانقلاب والتقلَّب بين الكينونة المستقيمة الفطرية الطبيعية الَّتي هي على هيكل التوحيد فيترسّخ فيه حينئذ الحقائق ويترشّح عنه إلى ساير الأدوات والأعضاء الأعمال الصالحة ، والخيرات والأقوال الحسنة وغيره ، وبين الكينونة المعوّجة المنحرفة التطبعية التي هي على هيكل النفاق والشرك ، فيترشّح منه إلى الأدوات الأعمال القبيحة والنفاق والكذب ، وغيرها ، فإنّ القلب خزانة لأعمال الخوارج .
ولذا قال عيسى بن مريم على نبينا وآله وعليه السّلام : إن اللَّسان يتكلَّم بزوائد القلب ولعلّ في قول مولينا أمير المؤمنين عليه السّلام ، : « لكن يرشح عليك ما يطفح منّى » إشارة إليه مع أنّ له وجوها أخرى .
وفي « المجلي » لابن جمهور الأحسائي : روي أنّ داود ناجى ربه فقال : إلهي لكل ملك خزانة فأين خزانتك ؟ فقال جلّ جلاله : لي خزانة أعظم من العرش ، وأوسع من الكرسي ، وأطيب من الجنّة ، وأزين من الملكوت ، أرضها المعرفة ، وسمائها الإيمان وشمسها الشوق ، وقمرها المحبّة ، ونجومها الخواطر ، وسحابها العقل ، ومطرها الرحمة ، وشجرها الطاعة ، وثمرها الحكمة ولها أربعة أركان : التوكل ، والتفكر ، والأنس ، والذكر ، ولها أربعة أبواب : العلم ، والحكمة ، والصبر ، والرضا ، ألا وهي القلب « 1 »