الرؤيا فكان لا يرى إلا خرجت مثل فلق الصبح » [1] وحيث إنّه عليه السّلام خصّه اللَّه تعالى بالكمال في كلّ فضيلة فله من الوحي أنواعه وضروبه ، لأنّه قد أوتي جوامع الكلم وكان في الرتبة الأعلى من الإمكان ، ولما بدئ في وحيه عليه السّلام بالرؤيا ستة أشهر علمنا أنّ بدئ الوحي الرؤيا وأنّها جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة لكونها ستة أشهر ، وكانت نبوته ثلثا وعشرين ، فستة أشهر جزء من ستة وأربعين ، كذا فسّر الخبر المشهور .
وفيه تكلَّف ظاهر ، لأنّه بانضمام هذا الجزء يكون من سبعة وأربعين إلا أن يقال : إنّ الأخيرة لم تكن سنة تامة بل نصف سنة .
ولذا ورد أيضا في خبر آخر أنهّا جزء من خمسة وأربعين جزء من النبوة ، لكنّه لا يخفى عليك أنّه تكلَّف من تكلَّف بل مخالف لما هو المنساق من ظواهر الأخبار الدالَّة على أنّ رأى المؤمن ورؤياه في آخر الزمان جزء من سبعين جزء من النبوة .
وفي بعض الأخبار أنّها على الثلث حيث ظاهرها إنّما هو القرب منها في الإصابة لا في المدّة وأنّه كذلك بالنسبة إلى كلّ مؤمن لا بالنسبة إليه خاصة إلى غير ذلك مما سنشير إليه في آية البشرى « 2 » ، ثم لا يخفى أنّه لا يلزم أنّ بدأ الوحي لكل نبي كذلك إذ قد أوحى إلى بعض الأنبياء ابتداء من غير تقدّم الرؤيا ، لكنّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم لما بدئ بالرويا قلنا : إنّها بدؤ الوحي لأنّه مقتضى كما له الذي يقتضيه مقامه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم وهي الباقية من أجزاء النبوة في آخر الزمان بعد انقطاع الوحي واختتام النبوّة .