الإشارة ، واليه الإشارة بقول شيخنا المجلسي في كلامه المتقدّم أن تلك النيابة أشرف من تلك الأصالة .
وأمّا تحقيق مقام النبوة والولاية والوصاية وتقسيمها إلى الظاهرية والباطنية وإلى مقام التشريع والتكوين ، وإلى المطلقة والمقيّدة ، وبيان الفضل والفرق بين تلك المراتب فمما لا يسعها المقام ولعلَّنا نتكلَّم فيها إنشاء اللَّه في مقام أليق .
في أقسام الوحي ثانيها في أقسام الوحي ومراتبه ، اعلم أنّه إذا تجرّدت النفس الانسانية من العلايق البدنية والشهوات النفسانية ، وأعرضت عن الاشتغال بدواعي البدن من الشهوة والغضب والحس والتخيل ، وتوجّهت كليا اتصاليا ، إراديا ، طبيعا ، أو تطبيقيا تلقاء عالم الملكوت الأعلى ، اتّصلت بالمبادي العالية النورانية الجوّالة في أفق القدس وسرادق الأنس ، ففازت بالسعادة القصوى ورأت من عجائب الملكوت الأعلى التي هي آيات ربّه الكبرى ، فإذا كانت النفس قدسية ، شديدة القوة والاستعداد ، قويّة الانسلاخ من مقتضيات المواد ، وساعدتها المشية الربانية في نيل المراد ، واستنارت بالتجلَّيات الإلهية ، والفيوض القدسية ، واستعدّت للاشراق على ما دونها من المراتب السفلية فبقوّتها تضبط الطرفين ، وتسقي الجانبين ، وتتمكن في الحد المشترك بين الأمرين ، فلا يشغلها شأن من شأن ، ولا تصرفها نشأة من نشأه ، فتستعدّ حينئذ لمقام النبوة والرسالة التي هي السفارة الكبرى من الحق إلى الخلق ، والخلافة العظمى للخلق من الحقّ ، فأوّل ما يبدو حينئذ من التجليّات ، ويتنسّم عليه من طيب النفحات ، وهو ما سميّ في لسان الشارع المبشّرات .
ولذا ورد أنّه أوّل ما بدء به رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم من الوحي