وأمّا ما روى عن ابن عباس : أنّه لا وحي إلَّا القرآن فإنّ المراد به أنّ القرآن هو الوحي الذي نزل به جبرئيل على محمّد صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم دون أن يكون أنكر ما قلناه ، ويقال : أوحي له واليه قال العجّاج « 1 » : أوحي له القرار فاستقرّت .
أقول : لكنّ الأولى عدم إضافة الإلقاء إلى الإنسان بإلقاء القيد ، والخطب فيه سهل كسهولته في إطلاقه في كلام العرب على وجوه شتى ، فقد أطلق على وحي النبوّة في قول تعالى : * ( إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ والنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِه ) * « 2 » ، وعلى إعلام النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم أو عين كلامه وقد اجتمع المعنيان في قوله تعالى : * ( وما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَه اللَّه إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِه ما يَشاءُ ) * « 3 » ، وعلى الإلهام والقذف في القلوب كقوله تعالى : * ( وإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وبِرَسُولِي ) * « 4 » ، وقوله تعالى : * ( وأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيه ) * « 5 » ، وإن قيل : إنّه وحي إعلام لا إلهام فقوله : * ( إِنَّا رَادُّوه إِلَيْكِ وجاعِلُوه مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) * « 6 » ، وعلى الجبلَّة الفطرية كوّنت عليها الأكوان كقوله تعالى : * ( وأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ) * « 7 » ، وإن كان الأقوى وفاقا لأكثر المحققين أنّه على وجه الاعلام والإلهام لما أشرنا إليه في غير