أقول : وهو غريب جدا فإنه مع التصريح بكونه عين الذات كيف يتصور كونه من صفات الأفعال وكيف يكون متأخّرا عن الذات ، وأغرب من ذلك استشهاده بالخبر الصريح في الحدوث ، وبالجملة ففي مواضع من كلامه رحمه اللَّه شهادة على حدوثه ، ومع ذلك فكيف يكون عين ذاته ، وهذا الكتاب لم أظفر به بل لم أره في فهرس مؤلفاته المذكورة في « اللَّؤلؤة » إلَّا أنّ من حكى عنه أعلم بما حكاه .
اعلم أنّ القرآن كما سمعت كان نورا من أنوار القدس متجلَّيا تحت حجاب الواحدية في علم المشيّة بعد التمكين والتكوين في صقع التدوين وهو رشحة من رشحات رحمته الكلَّية السارية في عالم الأكوان الجامعة لجميع مراتبها في جميع العوالم وهو الروح الذي هو عن أمر ربنا * ( وكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ ولَا الإِيمانُ ولكِنْ جَعَلْناه نُوراً نَهْدِي بِه مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) * « 1 » ، يعني أنّه ( صلَّى اللَّه عليه وآله ) كان أولا في مقام العبودية المحضة مستغرقا في الإقبال الكلي الذي لا التفات معه إلى غيره أصلا ولذا نسب إليه صلَّى اللَّه عليه وآله نفي الدرايّة أو لأنه ( صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ) ليس له من ذاته في صقع وجوده شيء من الفيوض والشؤون حتى العلوم والمعارف التي تكاد تكون من لوازم ذاته القدسية الشريفة وإنّما الكل من عنده سبحانه : * ( قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّه يُؤْتِيه مَنْ يَشاءُ ) * « 2 » .