لا يخفى على المتفطَّن في الأحكام الدينية .
فوجب حمل كلام الشيخ على إرادته المعنى الثاني ، فيكون الكلام النفسي عنده أمرا شاملا للفظ والمعنى جميعا قائما بذات اللَّه وهو مكتوب في المصاحف مقروّ بالألسن محفوظ في الصدور ، وهو غير الكتابة والقراءة والخطوط الحادثة .
وما يقال من أنّ الحروف والألفاظ مترتّبة متعاقبة فجوابه أنّ ذلك الترتّب إنّما هو في التلفظ بسبب عدم مساعدة الآلة فالتلفظ حادث والأدلة على الحدوث يجب حملها على حدوثه دون الملفوظ جمعا بين الأدلَّة .
وعن بعضهم أنّ هذا المحمل لكلام الأشعري مما اختاره الشهرستاني أيضا في كتابه المسمى ب « نهاية الاقدام » « 1 » .
قلت : ومن التأمل فيما ذكرناه سابقا يظهر لك وجوه المناقشة في هذا الكلام ، بل قد يناقش أيضا بأنّ مذهب الأشعري أنّ كلامه تعالى واحد ليس بأمر ولا نهي ولا خبر وإنّما يصير أحدها بحسب التعلَّق ، وهذه الأوصاف لا ينطبق على الكلام اللفظي بل ولا المعنوي أيضا ، ولذا ذهبوا في فهم مراده كل مذهب .
وبأنّ كون الحروف والألفاظ قائمة بذاته تعالى من غير ترتّب يفضي إلى كون الأصوات مع كونها أعراضا سيّالة موجودة بوجود لا يكون سيّالة وهو سفسطة من قبيل أن يقال : إنّ الحركة يوجد في بعض الموضوعات من غير ترتّب وتعاقب بين أجزائها .
وبأنّ محصّله الفرق بين ما يقوم بالقاري من الألفاظ وبين ما يقوم بذاته تعالى