رأوا قياسين متعارضي النتيجة ، أحدهما أنّ كلام اللَّه صفة له وكلما هي صفة له فقديم فكلام اللَّه قديم ، والآخر أنّ كلام اللَّه مؤلَّف من حروف مترتبة متعاقبة في الوجود وكلَّما هو كذلك فهو حادث فكلام اللَّه حادث فاضطرّوا إلى القدم في أحد القياسين ضرورة امتناع حقّية النقيضين فمنع كل طائفة بعض المقدمات .
فالمحكي عن الحنابلة « 1 » أنّ كلام اللَّه تعالى حروف وأصوات وهي قديمة ومنعوا من حدوث مأتي ألف من حروف وأصوات مترتّبة ، بل عن بعضهم القول بقدم الجلد ، والغلاف ، ولذا قيل : ما بالهم لم يقولوا بقدم الكتّاب والمجلَّد وصانع الغلاف .
وربما يعتذر عنهم بأنهم إنّما منعوا من اطلاق لفظ الحادث على الكلام اللفظي رعاية للأدب واحترازا عن ذهاب الوهم إلى حدوث الكلام النفسي كما قال بعض الأشاعرة « 2 » إنّ كلامه تعالى ليس قائما بلسان أو قلب ولا حالَّا في مصحف أو لوح ومنع عن إطلاق القول بحدوث كلامه وإن كان المراد هو اللفظي رعاية للأدب واحترازا عن ذهاب الوهم إلى الكلام الأزلي .