الخواصّ أم لا ؟ قيل : أكثر الحكماء على الثاني ، قال الأنطاكي : والمتّجه هو الأوّل لتحرّي المشاكلة والنسبة الفلكيّة وشهادة الأكوان والأكوان ومتعلَّقها المواليد الثلاث والكواكب وعلم الفلاحة .
وعلم الصناعة الأكسيريّة الَّذي قد تاه في بيداء طلبه كثير ممّن استولى الشيطان عليهم فأنساهم ذكر اللَّه ، أولئك حزب الشيطان ألا إنّ حزب الشيطان هم الخاسرون ، ولذا ترى كثيرا ممّن صرف فيه أعمارا طويلة وأموالا جزيلة لا حاصل لهم سوى أعين عمش كليلة ، وأدمغة مختبطة عليلة ، ونفوس لشدّة الفاقة ذليلة ، وقد فاتت عنهم مراتب عظيمة جليلة ، وهم مع ذلك يشتغلون لرجاء تحصيل شيء من الغشّ والتركيب والإكسير بصنوف العقد والحلّ والتشويه والتنكيس والتقطير ، ولا يظفرون فيها إلَّا بأدخنة متصاعدة وأرمدة متقاعدة . فصار وجود العنقاء ، وطلبهم له طلب الحمقاء لا يستشمّون منه إلَّا روائح الكبريت والزرنيخ ، ولا يستمدّون إلَّا من سواد زحل ونحوسة المرّيخ ، فإذا قدم عليهم في بلدهم من يدّعي شيئا من ذلك ظنّوا به كلّ خير ، واستمكنوا له في كلّ ضير ، وبادر كلّ منهم مستخفيا إليه في السير لئلَّا يطَّلع الغير ، وهو يشتدّ عليهم وعلى أموالهم الغارة بعد الغارة ، ويتلعّب بهم تلعّب السنّور بالفأرة ، يستعجلون الفقر الدائم طمعا في الغنى ، ويرضون بالمنيّة لنيل المنى ، يتّبعون كلّ شيطان مارد ، ويضربون في حديد بارد ، وإذا سمعوا أنّ مولانا أمير المؤمنين ( روحي له الفداء ) قال : إنّ الكيمياء في الأسرب والزّاج والزّئبق الرجراج والحديد المزعفر والنحاس الأخضر ، وأنّه قال : إنّها أخت النبوّة وعصمة المروّة والناس يعلمون ظاهرها ، وأنا أعلم ظاهرها وباطنها ، وقال ( عليه السّلام ) : ما هو إلَّا ماء جامد وهواء راكد وأرض سائلة ونار حائلة ، وقال ( عليه السّلام ) : خذ الفرّار وألطلقا ، البيتين .