فلا ينبغي لأحد أن يأمن مكره ، لأن أمن المكر لا يدفع القدر ، ولا يخرج أحدا عن قدرة اللَّه تعالى ، ولا يخلو أحد من خوف وإن بلغ كل خوف ، وإذا عرف منزلته عند اللَّه تعالى ازداد علمه وتكاملت رغبته ، فأما من لم يعرف منزلته فذلك عار عليه . قال عمر بن واصل : فقلت له : كيف يزداد مع علمه منزلة ؟ فقال : هما رجلان ، فرجل ازداد وطلب الزيادة وحرص لذلك ، ورجل أضعف منه ، كان ذلك منه شكرا لئلا يسلب ما أعطاه .
[ سورة الأعراف ( 7 ) : آية 128 ]
[ سورة الأعراف ( 7 ) : آية 128 ] قالَ مُوسى لِقَوْمِه اسْتَعِينُوا بِاللَّه واصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّه يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِه والْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ( 128 ) وقوله تعالى : قالَ مُوسى لِقَوْمِه اسْتَعِينُوا بِاللَّه واصْبِرُوا [ 128 ] قال : أمرهم أن يستعينوا باللَّه على أمر اللَّه ، فيقهروا ما فيها ويستولوا عليها وعلى مخالفتها ، وأن يصبروا على ذلك تأدبا .
[ سورة الأعراف ( 7 ) : آية 146 ]
[ سورة الأعراف ( 7 ) : آية 146 ] سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوه سَبِيلًا وإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوه سَبِيلًا ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وكانُوا عَنْها غافِلِينَ ( 146 ) قوله : سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ [ 146 ] قال : هو أن يحرمهم فهم القرآن « 1 » ، والاقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام . وروي عن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أنه قال : « من أعطي فهم القرآن فقد أعطي الخير الكثير ، ومن فاته فهم القرآن فقد فاته علم عظيم » . وقال النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : « من تعظيم اللَّه إكرام ذي الشيبة في الإسلام ، وإكرام الإمام العادل ، وإكرام حامل القرآن غير الغالي فيه » « 2 » . قوله : وإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوه سَبِيلًا [ 146 ] قال : ردهم إلى سابق علمه فيهم أنهم سيفعلون ذلك لخذلانه إياهم بمادلتهم عليه أنفسهم الطبيعية من الحركة في النهي ، والسكون في الأمر ، وادعاء الحول والقوة على ما جبلت عليه أنفسهم ، والاغترار به .
[ سورة الأعراف ( 7 ) : الآيات 148 الى 149 ]
[ سورة الأعراف ( 7 ) : الآيات 148 الى 149 ] واتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِه مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَه خُوارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّه لا يُكَلِّمُهُمْ ولا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوه وكانُوا ظالِمِينَ ( 148 ) ولَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ ورَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا ويَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ ( 149 ) قوله تعالى : واتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِه مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَه خُوارٌ [ 148 ] قال : عجل كل إنسان ما أقبل عليه ، فأعرض به عن اللَّه من أهل وولد ، ولا يتخلص من ذلك إلَّا بعد إفناء جميع حظوظه من أسبابه ، كما لم يتخلص عبدة العجل من عبادته إلَّا بعد قتل النفوس . قوله تعالى : ولَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ [ 149 ] قال : يعني ندموا ، يقال : سقط الرجل في يديه إذا ندم على أمر .
[ سورة الأعراف ( 7 ) : آية 163 ] وسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً ويَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ ( 163 ) قوله تعالى : إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ [ 163 ] قال : يعدون في اتباع الهوى في السبت .
[ سورة الأعراف ( 7 ) : آية 169 ]
[ سورة الأعراف ( 7 ) : آية 169 ] فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الأَدْنى ويَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا وإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُه يَأْخُذُوه أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّه إِلَّا الْحَقَّ ودَرَسُوا ما فِيه والدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ( 169 ) قوله تعالى : ودَرَسُوا ما فِيه [ 169 ] أي تركوا العمل به .
[ سورة الأعراف ( 7 ) : الآيات 171 الى 172 ]
[ سورة الأعراف ( 7 ) : الآيات 171 الى 172 ] وإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّه ظُلَّةٌ وظَنُّوا أَنَّه واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ واذْكُرُوا ما فِيه لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ( 171 ) وإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ ( 172 ) وقوله : وإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ [ 171 ] قال : يعني فتقنا وقد زعزعنا . كما قال العجاج « 3 » :
( 1 ) هذا قول سفيان بن عيينة في الإتقان 4 / 216 . ( 2 ) كشف الخفاء 1 / 284 . ( 3 ) العجاج : عبد اللَّه بن رؤبة بن لبيد بن صخر السعدي التميمي ( . . . - نحو 90 ه ) : راجز مجيد ، من الشعراء . ولد في الجاهلية ، وقال الشعر فيها ، ثم أسلم . ( الأعلام 4 / 86 ) .