[ من الرجز ] قد ربّبوا أحلامنا الجلائلا وفتقوا أحلامنا الأثاقلا « 1 » وقوله تعالى : وإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ [ 172 ] قال : إن اللَّه تعالى أخذ الأنبياء من ظهر آدم عليه الصلاة والسلام ، ثم أخذ من ظهر كل نبي ذريته كهيئة الذر ، لهم عقول ، فأخذ من الأنبياء ميثاقهم ، كما قال : وإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ ومِنْكَ ومِنْ نُوحٍ [ الأحزاب : 7 ] وكان الميثاق عليهم أن يبلغوا عن اللَّه تعالى أمره ونهيه ، ثم دعاهم جميعا إلى الإقرار بربوبيته لقوله تعالى : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ [ 172 ] وأظهر قدرته حتى قالُوا بَلى [ 172 ] ، فجمع اللَّه مراده من خلقه ، وما هم عليه من الابتداء والانتهاء في قولهم : « بلى » ، إذ هو على جهة الابتلاء ، وقد قال اللَّه تعالى : وكانَ عَرْشُه عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ [ هود : 7 ] وأشهد الأنبياء عليهم حجة كما قال : وأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ [ 172 ] ثم أعادهم في صلب آدم عليه السلام ، ثم بعث الأنبياء ليذكرهم عهده وميثاقه ، وكان في علمه يوم أقروا بما أقروا به من يكذب به ومن يصدق به ، فلا تقوم الساعة حتى تخرج كل نسمة قد أخذ الميثاق عليها ، ثم تقوم الساعة . فقيل : ما علامة السعادة والشقاوة ؟ قال : إن من علامات الشقاوة إنكار القدرة ، وإن من علامة السعادة أن تكون واسع القلب بالإيمان ، وأن ترزق الغنى في القلب والعصمة في الطاعة والتوفيق في الزهد ، ومن ألهم الأدب فيما بينه وبين اللَّه تعالى طهر قلبه ويرزق السعادة ، وليس شيء أضيق من حفظ الأدب . فقيل له ما الأدب ؟ قال : اجعلوا طعامكم الشعير ، وحلواكم التمر ، وإدامكم الملح ، ودسمكم اللبن ، ولباسكم الصوف ، وبيوتكم المساجد ، وضياءكم الشمس ، وسراجكم القمر ، وطيبكم الماء ، وبهاكم النظافة ، وزينتكم الحذر ، وعملكم الارتضاء ، أو قال : الرضا ، وزادكم التقوى ، وأكلكم بالليل ، ونومكم بالنهار ، وكلامكم الذكر ، وصمتكم وهمتكم التفكر ، ونظركم العبرة ، وملجأكم وناصركم مولاكم ، واصبروا عليه إلى الممات « 2 » . وقال : ثلاث من علامات الشقاوة : أن تفوته الجماعة وهو بقرب من المسجد ، وأن تفوته الجماعة وهو في المدينة ، وأن يفوته الحج وهو بمكة . قال سهل : والذرية ثلاث : أول وثاني وثالث : فالأول : محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، لأن اللَّه تعالى لما أراد أن يخلق محمدا صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أظهر من نوره نورا ، فلما بلغ حجاب العظمة سجد للَّه سجدة ، فخلق سبحانه من سجدته عمودا عظيما كالزجاج من
( 1 ) الرجز ليس للعجاج ، وهو بلا نسبة في لسان العرب ( نتق ) . ( 2 ) كتاب الزهد الكبير 2 / 356 .