نام کتاب : بحوث في تاريخ القرآن وعلومه نویسنده : السيد مير محمدي زرندي جلد : 1 صفحه : 296
وعليه ، فنستنتج من كل ما تقدم إلى أن القول الحق هو أن تمييز المكي عن المدني يحتاج إلى الأثر والنقل ، وأن ما سواه مما ذكر لا يصلح أن يكون ضابطا ومميزا لذلك . هل هناك آيات مدنية في سورة مكية أو بالعكس ؟ بقي أن نشير هنا إلى أن من البعيد جدا وجود آيات مكية في سورة مدنية ، وكذلك العكس ، بناء على الاصطلاح المشهور في المكي والمدني . ولست أدري لماذا إذا نزلت آية في مكة لسبب اقتضى نزولها ؟ ! لماذا لا تجعل هذه الآية جزء لسورة مكية نزلت في ظروف مشابهة ؟ ! ولماذا ينتظر الشهور والأعوام حتى يسافر النبي ( صلى الله عليه وآله ) المدينة ثم تجعل حينئذ جزء لسورة مدنية ؟ ولماذا يصرف النظر عن الجمع بين ما نزل في عصر واحد ومحيط واحد ومكان واحد إلى الخلط والتشريك بين آيات نزلت في ظروف وأجواء مختلفة ؟ ! هذا بالإضافة إلى أن القائل بذلك - أي بوجود آيات مدنية في سور مكية وبالعكس - لم يتمسك لإثبات وجهة نظره بشئ مأثور ، ولا وصل إليه دليل لا من الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ولا من الأئمة ( عليهم السلام ) ، بل إنما استند إلى مجرد اجتهادات ظنية مما يشجعنا على القول بأنه لا دليل على هذا الاستثناء ولا حجة عليه . ومن الموارد التي قيل فيها بوجود آيات مدنية في سورة مكية سورة الرعد ، فإنها على ما نقله مجاهد عن ابن عباس مكية كلها ، ولكن استثنى الكلبي ومقاتل الآية الأخيرة منها ، وهي قوله تعالى * ( ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ) * [1] حيث إنهم يقولون إن هذه الآية قد نزلت في عبد الله بن سلام . وهو إنما أسلم بعد الهجرة فلا يمكن أن تكون هذه - الآية المقصود بها عبد الله بن سلام - مكية .