نام کتاب : بحوث في تاريخ القرآن وعلومه نویسنده : السيد مير محمدي زرندي جلد : 1 صفحه : 195
المختار في وجه الإعجاز : وأما ما نختاره في وجه إعجاز القرآن فهو يتلخص في أن التحدي لابد وأن يكون في أمر موجود في جميع السور القرآنية ، حتى السورة القصيرة منه . إذا فالقول بأن التحدي بالإتيان بمثله ناظر إلى الإخبارات الغيبية التي في القرآن ، أو حكاية قصص الماضين ، أو إشاراته إلى مكارم الأخلاق ، ونهيه عن رذائلها ، أو غير ذلك مما ذكروه ، مما لا يتأتى في كل سورة سورة منه ، ولا نجد ما يعجزون عنه مما هو مشترك بين جميع سور القرآن حتى القصار منها سوى جهة الفصاحة والبلاغة وحسن الأسلوب ، وهذا ما أعجزهم حتى عن الإتيان بسورة من مثله . وذلك لا ينافي القول بأن القرآن الكريم كان معجزا لهم من نواح أخرى أيضا ، مثل إخباراته عن جملة من الحوادث المهمة ، والسير العجيبة التي وقعت من حين خلق الله آدم إلى حين مبعثه ( صلى الله عليه وآله ) ، مع أنه أمي لا يكتب ولا يقرأ ، وكل الناس كانوا يعرفون أنه ( صلى الله عليه وآله ) لم يكن يعرف شيئا من كتب المتقدمين ، أو مثل إخباراته الغيبية التي تحققت على وفق ما أخبر به ، مما لا يمكن أن يقدر عليه البشر . ولكن هذان الموردان ونظائرهما من موارد الإعجاز لا يعم مختلف سور القرآن ، إذ ليس في كل سورة إخبارات غيبية ولا قصص عن الماضين أو غير ذلك مما تقدم . وما اخترناه في وجه إعجاز القرآن هو الظاهر من قوله تعالى * ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) * [1] . فإن من تدبر القرآن يجد أنه لا اختلاف في آياته ولا تفاوت في سوره ، بل كل ما فيه في أحسن نظم وتأليف ، متضمن لأصح المعاني بأفصح الألفاظ ، من غير فرق في ذلك بين ما نزل في توحيد الذات وبين ما نزل في توحيد الصفات ، وكذا لا فرق بين ما أرشد به الناس إلى محاسن الصفات وبين ما هداهم به إلى مساوئها ، ولا فرق أيضا بين ما يبين الحلال والحرام وبين ما يحكي به القصص والأحوال .