نام کتاب : بحوث في تاريخ القرآن وعلومه نویسنده : السيد مير محمدي زرندي جلد : 1 صفحه : 193
وقال القوشجي : اتفق الجمهور على أن إعجاز القرآن لكونه الطبقة العليا من الفصاحة والدرجة القصوى من البلاغة ، والمراد بالفصاحة في عبارة المتن ما هو أعم منها ومن البلاغة ، وإطلاقها على هذا المعنى شائع . وقال بعض المعتزلة : إعجازه لأسلوبه الغريب ونظمه العجيب ، المخالف لما عليه كلام العرب في الخطب والرسائل والأشعار . وقال القاضي الباقلاني وإمام الحرمين : إن وجه الإعجاز هو اجتماع الفصاحة مع الأسلوب . - إلى أن قال : - وذهب النظام وكثير من المعتزلة والمرتضى إلى إعجازه بالصرفة ، وهي أن الله تعالى صرف همم المتحدين عن معارضته ، مع قدرتهم عليها [1] . والذي يبدو لنا هو أن احتمال الصرفة منفي ، لأنه لا يناسب ظواهر الآيات القرآنية الدالة على أن عجزهم عن الإتيان بمثل القرآن إنما لخصوصيته في القرآن نفسه ، من الفصاحة والأسلوب وغيرهما من الامتيازات القرآنية ، وهي : 1 - قوله تعالى * ( قل أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم ) * [2] . فيستفاد من هذه الآية - التي وقعت جوابا لقولهم * ( لولا انزل عليه آيات من ربه ) * - أن القرآن هو تلك الآية التي يطلبونها ، وأنه كاف في ذلك ، ولا سيما ملاحظة تعبيره تعالى بأن الكتاب يكفيهم ، وإذا فالكتاب بنفسه هو الآية ، وليست الآية هي منعهم عن معارضته والإتيان بمثله ، كما هو مقتضى القول بالصرفة . 2 - قوله تعالى * ( وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين ) * [3] ونظيره قوله تعالى * ( فقال إن هذا إلا سحر يؤثر ) * [4] . والمستفاد من هذه الآية أنهم تعجبوا من حسن نظم القرآن وأسلوبه ، فقالوا : هو سحر ، أو أساطير الأولين ، فلو كان عدم تمكنهم من معارضته هو منعه تعالى لهم عن ذلك لكان المناسب أن يقولوا : إننا نتمكن من مجارات الآيات القرآنية ،